رسائل إبداعية/ للكاتبة - مباركة الزبيدي

وهم الاحتراف

قد ينظر إلى العنوان أنه عنوان لموضوع يحمل بين طياته الحزن والأسى لسببِ ما ، أو أنه يحكي فصولاً من الألم ، وربما أن هناك من المختصين في تطوير الذات ممن شاهدوا العنوان وقبل قراءتهم لما يندرج تحته من أسطر قد جهزوا أنفسهم لاقتصاصه كنموذج لأولئك المحبطين لعرضها في دوراتهم ومحاضراتهم ، غير أن هذا الموضوع لا يحمل أي أقصوصة أو حكاية سوى حكاية أولئك الذين كثر أمثالهم في مجتمعنا على مستوى جميع فئاته وهم من يصفون أنفسهم بأنهم قد بلغوا من الإبداع ذروته وهو منهم براء !!..
نعم ، لقد أصبح كل من أمسك بيده قلماً يحركه قال : أنا كاتب متميز ومحترف لا يقبل أن يصحح له أحد أخطاءه أو يقبل بأن يصوب ما وقع فيه من أخطاء !!،
وأصبح كل من يستطيع التجول هنا وهناك باحثاً عن الشهرة صحفي أو إعلامي ، وكل من أمسك كاميرا مصور ، ومن أجاد استخدام برنامج من برامج التصميم ولو أحد البرامج الموجودة في هاتفه الجوال قال أنا مصمم وغير ذلك من المهن ، التي للأسف الشديد بسبب انضمام من لا يجيدها لها رغم أهميتها أصبح يطلق عليها مهنة من لا مهنة له وأصبح المتميزون فيها بحق في جهاد مع أمثال هؤلاء لعدم استطاعة الشخص العادي التفريق بين الأصلي وما سواه ..
إنني هنا لا أنتقد أحداً في رزق ساقه الله له ، ولا أشتكي ضيق المساحة المخصصة للمبدعين في مجتمع برأيي أنهم قادرون على الوصول لأهدافهم الراقية فيه بعد استعانتهم بالله عز وجل والتوكل عليه ، ومن ثم بذل ما يستطيعون من الأسباب ، وإنما انتقد من لا يستغل فرصاً أعطيت له بالشكل الصحيح ويتعالى عن التوجيه والإرشاد معتقداً أنه لا يهم أن يتقن الشيء مادام قد وجد مسلكاً له !!..
إنني هنا أحذرهم في الوقوع فيما لا يحمد عقباه عندما يعرضون مهاراتهم هنا وهناك بكل ثقة في أمور لم يتقنوها بعد ولا زال أمامهم الكثير ليتمرسوا فيها ،
وأقول : ليس عيباً أن يعيد الفرد مايقوم به من مهام في أمر يتطلع أن يتميز فيه ويصل بذلك لأعلى الدرجات لكي يتقنه ويتمرس فيه ، ثم يحترفه ، لكن العيب هو أن يتوهم بأنه يستطيع ذلك بدون أن يحرك ساكناً في تصويب ما هو بحاجة إلى تصويب ، ويجد من يصفق له ويشجعه !!..
نعم ، المبادرة بكل ثقة وطموح مطلوبة ، وتحفيز وتشجيع من يقوم بذلك أيضاً من الأمور المطلوبة في فترة أصبح ينظر فيها بعين الاهتمام للانجازات الفردية خاصة ، والمجتمعية عامة ، وإضافة ذلك لتميز دول أصحابها، لكن علينا أن نعي دائماُ أن البقاء دائماَ للأفضل.
نعم ، فالإنجاز الحقيقي الذي نتطلع له ونتمنى أن يتطلع له كل طموح أن يكون له سجلاً يبقى محفوظاً يضم إنجازاته أو شيئاً منها ليس ليكسب الثناء والمديح وإنما ليكون سجل إنجازه هذا مفتاحاً لإنجازات أخرى قد لا يدركها ولا يدركها أبناء جيله وإنما يطلع عليها ويقتبس منها أصحاب إنجازات أخرى عبر الأجيال ، ويذلك لن يتوقف الإنجاز على ما حققه فقط بنفسه وإنما قد ينسب الفضل بعد الله له عندما يتم إكمال عمل قد وضع نواته أو بادر بفكرته بشكل فريد ومميز حتى لو لم تكتمل ، لكن بشرط أن يكون مع المبادرة والإنجاز وتدوينه التوثيق ، لأن عدم الحرص على توثيق ما يتم تدوينه في سجل الإنجاز وباسمه لدى جهة توثيق رسمية ومن ثم يقوم بنشرها قد تسلب منه بعد الرحيل ولا يجد من يعيدها له إلا خالقه إن كان قريباُ منه ..
إذاً فالمساحة الأن سانحة للإبداع والتألق والبدء في كتابة سجل إنجاز جديد مع ، وعلى مبدعونا التشمير والانطلاق نحو الأفق ..

بقلم / مباركة الزبيدي
كاتبة وإعلامية

مباركة الزبيدي

كاتبة وإعلامية _ سعودية باحثة و مختصة في علم الاجتماع مدربة في التنمية البشرية مهتمة بالمواهب

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى