ملتقطات متناقضة/خاص مقالات الدكتور إبراهيم

حَقِقُونا بَقِقُونا

 

أين طريق الحجاج الذي أدركته أيام طفولتي ؟!
أين تلك السيارات التي ترفرف عليها رايات مملكتنا الخضراء لتمييزها عن غيرها من السيارات التي لم تشْرُف بحمل حجاج بيت الله إلى مكة ؟ .
تبدأ رايات مملكتنا تظهر على جنبات ، وفوق( اللواري والعربجيات والفروت والجموس والجيوب والوانيتات ) مع نهايات شهر ذي القعدة من كل عام تُلاحظ السيارات بتلك الأعلام تجوب البلدات حيث
الورش ، والبناشر من أجل عمل الصيانة اللازمة ! استعدادا للمسير إلى مكة ، ونشاهدها في الأسواق لشراء الحاجيات الضرورية لرحلة الحج ؛ ومما يزيد في تميز السيارات المعدة للحج تلك الأشرعة عليها لتتسع لأكبر عدد من الأهل ، والجيران الذين يرغبون أن يحجوا ..
لا أدري ما الباعث لنا حينها أن نتفحص ، ونتجول حول السيارة المعدة للحج ، وننظر فيها حتى في الطرقات إذا مرت سيارة عليها علم نقف ! نلوح لها حتى تغيب في الأفق ربما أمل ، ورغبة أن نكون يوما ما من ضمن الراحلين إلى الحج ..
والشئ الأكثر إبهاجا عندما يُحضِر الركاب عند بيت صاحب السيارة مفارشهم ، وشنطهم لتحميلها ، وشدها قبل الانطلاق ؛ والتي غالبا ما تكون قبل الفجر لتكون صلاة الفجر على الطريق بعد قطع مسافة لتبدأ فصول غاية في الطرافة ، والعجب ، والجد ، والهزل حيث تتكشف معادن الناس .
موقف لا يُنسى للسواق أبي علي صاحب (الجمس) الأحمر الضارب في القدم ولكنه بمكيف بمواصفات مروحة طبعا ذاك الوقت تُعتبر فارقا عن أغلب السيارات التي بدون مكيف ..
من قبل صلاة الفجر إلتقط أبو علي الركاب الذين يبلغ عددهم ١٤ راكبا رجالا ، ونساءً كلهم من أهل البلدة عدا أربعة مقاعد أبقاها لأربع ممرضات يعملن بالمستشفى العام ؛ نادرا ما يجدن مثل هذه العاملات من يقبل بحملهن إلى مكة لعدم وجود المحرم ، وتحرجا من كلام الناس ..
أبو علي خاطر من أجل زيادة ٢٠٠ ريال عن السعودي ربما هي بدل سمعة ..
ركب ٥ رجال و٧ نساء وانطلقوا لسكن المستشفى ..
أطلق أبو علي المنبه على اتفاق أن يخرجن مباشرة .
استغربوا إبطاءهن بالخروج وبعد وقت خرج حارس السكن ، وابلغ أبا علي أنهن قد عدلن عن الرحيل .
انفجر أبو علي بكل السب ، والشتم ، وكيف أضعن الوقت ، ومكان أربع ركاب كل مقعد شامل الأكل ، والشرب ،والمبيت بخيمة ، والتنقلات ب ٨٠٠ ريال .
ويتحمل الراكب فقط قيمة الهدي التي لا تتجاوز ٤٠٠ ريال على الأغلب .
اضطر أبو على أن ينطلق بنقص أربعة ركاب ؛ ولكنه ما فتئ كل عشرات من الكيلومترات أن يزفر رافعاً صوته ( ألا لعنة الله عليكن ياممرضات الفلس ) وهكذا حتى وصول محرم السيل في الطائف .
تخلوا البلدة من السيارات التي ترفع الأعلام حتى ترفرف هذه الاعلام من جديد صباح يوم الثالث عشر من ذي الحجة للمستعجلين المسير من مكة .
يتباشر الأهالي بالواصلين وبعد كل صلاة يتبادل الواصلون مع جماعة المسجد بالسلام ، والتحايا ، وحمد الله على سلامة الجاج..
أما الأطفال خاصة من في العاشرة من عمره تزيد أو تنقص فيتجمهرون ، ويطرقون أبواب من وصل حاجهم طالبين ما يرونه ولا يحصلون عليه بقية الأيام ( حلاو برميت .. وأنواع المكسرات ) كما قد ينالون ألعابًا اشتاقوا إليها خاصة ( الدربيل التلفزيوني.. والتلفزيون المصور .. والطنيبات.. وانواع البالونات وغيرها كثير نسيتها )..
الأهزوجة التي تُطرب أهل الحاج :
حققونا بققونا ولا جا ابونا حققناكم..
شئ من نسائم أيام الحج فيما مضا ! إختفت الأن ؛ وأصبح الحج من بلدتنا بصمت لا تكاد تشعر به إلا في خطبة جمعة أو من خلال البث التلفزيوني أو في الواتس ..
حتى سيارات الحج ذات الأعلام تجدها بلا أعلام في متاحف السيارات الكلاسيكية في بلدتي أو مدينتي ..
ودمتم سالمين ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

د/ إبراهيم بن عبدالله العبدالرزاق 
المملكة العربية السعودية
القصيم – بريدة .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى