كتاب الرأي

تويتبوك

 

عندما منَّ الله علينا بالعلم والمعرفة, وسخرهُ لنا وذلل لنا طرقه؛ فلابد أن نحمد الله على ذلك، وأن نسخره لنشر الحق والعلم المفيد والمقالات الجيدة، وتناقل ما هو صحيح ومعقول، وحقائق صائبة.
إلى متى سنضل نتناقل أخبار معدلة أو  مُحرفة، ليت  (تغريداتنا  التويترية)  أوِ (الكومنت في الفيسبوك)  تكون نابعة من أعماقنا، وتعكس مخزوننا الثقافي، الذي لا يضر بالدين، ولا بالوطن، ولا بالنفس.
ليكن من الآن جسر التواصل الاجتماعي جسر  إبداع وترجمة للمشاعر، كالسرابيل تدفئنا عندما نحتاج لدفء الكلمة، وكالماء العذب الزلال السلسبيل يروينا عند عطشنا؛ فهي باقية حتى بعد مماتنا كصدقة جارية، لمن اتخذها لينشر ويكتب مراعيًا ضميره وذمته في نقل الأخبار والصور، كحقيقة تمحض النور من صاحبها إلى المتلقي.
ليكن(تويتبوك) جسر تواصل للأمل وللتفاؤل، ولزرع وبث المحبة بين الشعوب، وليكن جسر تواصل ديني اجتماعي يفوق كل التحديات، ولا يهتز برياح الدنيا والهوى والشهوات وعبثها، فلنكتب بما يُرضي الله ويُرضي ضمائرنا، ولا يكن محتوانا الرقمي من الأخبار والمعلومات  ومحتوانا الصحفي من المقالات كالصحيفة الرديئة، التي  يُسطَرُ بهِا الكلام البذيء، وتنشر فيها الصور الماجنة، وتتناقل فيها الإشاعات، دون تحقق من مدى صحة مصادرها، وصحة تناقلها.
فليكن عنوان أقلامنا دومًا  هو النور؛ فإلى متى ونحن  نتناقل الإشاعات ونروجها؟!  ألم نصل إلى مستوى الثقافة الإعلامية  الإخبارية الجدير بالمسؤولية، مسؤولية الكلمة في نقل ما هو صحيح ومؤكد.
نتهم هذا، ونفضح ذاك، ونسيء لسمعة تلك؛ فلنضع لكل هذا حداً، ولنضع بالحسبان أن هناك صغار السن ممن أُهملوا  من المراقبة الأبوية، وقد يكون أحدهم ابنك أو بنتك أو أختك؛ فتطرقوا لمثل هذه التفاهات خلسة دون دراية منك؛ فيأخذونها على محمل الجَد، والانجراف بما كُتِبَ من صاحب قلم لم يكن حبره صادق، أو حبرك أنتَ التعسفي، فلابد أن نستشعر أهمية وضرر مواقع التواصل الاجتماعية،  وغيرها من المواقع المنفتحة على مصراعيها على مثل هذه الفئة.
أعزائي القراء: عندما نمارس الكتابة بإخلاص وبمتعة؛ فإن الآخرين يأتيهم شغف المتابعة والأخذ بها، حينما نقطف الورود من بستان قد فاح عبيره، من شخصية فذة في الإبداع وحسن المظهر بالأخلاق؛ فنحنُ بذلك نرسم على محياهم ابتسامة رضى، عندما يتذوقوها بصدق أقلامنا.
غالباً ما توجد اختلافات في الآراء، وفي وجهات النظر، وفي الثقافات الكثيرة أللا محدودة، و في اختلافات الأديان، وكل هذه الاختلافات يجب أن نضعها  نُصبَ أعيننا ولا نغفل عنها؛ فإنَّ تلك الخلافات واختلاف وجهات النظر تكشف لنا عن مدى عقليات الآخرين، وطرق تفكيرهم، وكيف هي تصوراتهم؛ فمنهم من تقف له احترامًا، ومنهم من تعبس له الوجوه، ولو بالغ بزخرفة الكلام وتصفيفه وارتجال كيبورده ونغمات أحرفه، لأنه خلف جهاز لا نعلم مكانه . أو من يكون؟ – وخاصة عندما يكون ذلك الكاتب من النوع الذي لا يخشى أن يُحاسب ولا أن يُعاقب.
يا أصحاب الأقلام الشجية السيئة:
-أقول لكم لابد أن تحترموا عقول المتلقين لما تكتبون،
و لا يدلو بدلوه لكي يثبت وجوده في الساحة فقط، ولا لكي يكون له منشورات عدة يُفاخِرُ بها، رجائي لكم…فلتهاجروا عنا إلى الأبد مع الطيور المهاجرة بلا رجعة؛ فلن نبكي هجرتكم.
للأسف هناك أقلام سوداء ممسوكة بالمقلوب؛ تكتب من أجل الكتابة، وتجلب الغثيان للقارئ، مثل هذه الأقلام نتمنى أن يجف حبرها وأن تنكسر من تعسفها وجهلها، وهناك أقلام لا تُمَل من قراءتها، لجودة حبرها ومنبعه النقي الصافي، ورجاحة عقل كاتبه/ ته، ووجهات نظرهم الصائبة الحكيمة، مثل هؤلاء نُكن لهم كل تقديرٍ واحترام.
فإن الأقلام تمسك بالأنامل راضية غير مُجبَرة، وهم يجبرونها على كتابة مالم تُصنَع من أجله، ومن خاف الله  طبق شرع الله، ومن لا يخاف تراه يفعل ما يشاء، والله عز وجل واحد في أي مكان في العالم، ومن لا يخاف الله  نجده يُمسِك قلمه ويكتب ما يشاء؛ ولكن عليه ألا يغفل أنَّ لكل إنسان صحيفة يُكتب فيها أعماله وأقواله، وأن عليه أن يجتهد على جعلها تبدو في صفاء ونقاء، وهذا هو الأساس: مراقبة الله وتفعيل خاصية الضمير الحي،  والشعور بالوازع الديني والأخروي، المتمثلان في الخوف من الله ومن عقابه ومحاسبته ومراقبته، قبل الخوف من البشر ومراقبتهم.
فمن أجل نجاتنا في الآخرة  (يومَ لا ينفعُ مالٌ ولا بنون)؛ فعلى الإنسان منا أن  يكون صادقًا مع الله ومع نفسه، ولا يتبع  هوى نفسه والشيطان، ولا يوظف تلك المواقع كمتنفسٍ له، يفرغ فيها  ما يملي عليه هواه، ووساوس شيطانه.
فالإنسان له قدرة التحكم في مشاعره وأحاسيسه، ويستطيع أن يتحكم بقدراته ويروضها،  حتى لا ينساق  وينجرف وراء المعقول أو الغير معقول؛ ولكن عندما تتعدى الأمور حدود المعقول وتتجاوز الضوابط الدينية والشرعية، وتخدش الهوية الوطنية والقومية والإسلامية؛ فهنا تنضب الدموع حسرة على مثل هؤلاء،  وتتغير الصورة  والأحاسيس، وتخرج يرقاتهم البراقة بجمال الباطل من شرنقتها؛ لتفاجئ الناس  بأقلام  تحمل الفرح سُمَّاً داخل شهد حبرها.
ومنهم الأفذاذ الذين يُراعون من أَثقلتِ الدنيا بهِم، نذروا أقلامهم ليزرعوا ابتسامةَ فرحٍ على شفاهٍ لم تُشفِق عليها الأيام، ولا تدرى هل أسعدتها أو أشقتها؛ فلنكن ذلك البلسم الذي يُداوي جراحهم بهمسات أقلامنا، وبشجون العبرات وهيمنة الثقافة النظيفة الصحيحة، التي تراعي مبادئ الذوق العام والتأدب، وتؤدي رسالتها كما يجب، وكما هو مُؤمَّلٌ منها ومنوط بها.
أعزائي القراء: إن جنون العقل والقلم أمران لا يجتمعان في تثقيف مجتمع؛ بل يُدَمِّرَانِه؛ فـ (التويتبوك)عالم كبير، وكالقلب له حُجرات، يستوعب الملايين من البشر؛ فلا نثقله بسيء نتاج أقلامنا، ولا بانعكاسات صورنا الشخصية، ولنحسن المظهر والجوهر، ونجعلهما مُترجمان على صفحات (التويتبوك).

هذا…والله من راء القصد، وعليه التكلان.

……………..

حصة بنت عبد العزيز

كاتبة و أديبة_ الرياض 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى