أبناؤنا… إلى أين يسيرون في مفهوم الزواج؟
✍️ سلوى راشد الجهني :
في السنوات الأخيرة، أصبح الزواج عند كثيرٍ من شبابنا مجرّد حدث اجتماعي جميل أكثر منه مسؤولية إنسانية وأسرية.
نرى فتيات وشبانًا يعتبرون الزواج رحلة ترفيهية: تجهيزات، حفلات، شهر عسل، حرية من رقابة الأسرة… ثم ماذا بعد؟
بعد أن تُطفأ أنوار الفرح وتُطوى بطاقات التهنئة، تبدأ الحياة الحقيقية، وتبدأ معها الفوضى الأسرية.
غياب الوعي الأسري
يدخل بعض الأزواج حياتهم الجديدة دون أي إعداد نفسي أو معرفي لمسؤوليات الزواج.
لم يقرأوا كتابًا واحدًا في الحياة الزوجية، ولم يحضروا دورة توعوية، ولم يتحدثوا مع أهل الخبرة.
فتصبح الإدارة المالية ارتجالية، وتوزيع الأدوار غامضًا، والتواصل بينهما هشًّا، ليظهر الخلاف مبكرًا حول أبسط الأمور.
مولود قبل النضج
يتفاجأ بعض الأزواج بعد فترة قصيرة بمولود جديد، في حين لم يتقنوا بعد فن التفاهم ولا مهارات القيادة الأسرية.
فتتحول التربية إلى ردود أفعال متوترة، والأب يتنصل من دوره بحجة العمل أو التعب،
بينما تجد الأم نفسها تتحمل وحدها عبء التربية والتدبير، إلى أن تتراكم المشكلات النفسية والاجتماعية ويحدث الانفصال.
وينشأ الأبناء في بيئةٍ غير مستقرة، بين حرمانٍ عاطفي، وعدوانٍ سلوكي، وتشويشٍ في القيم.
الوعي قبل القرار
من هنا، تبرز أهمية التثقيف الأسري قبل الزواج كشرطٍ أساسٍ لبناء أسرة ناجحة.
على الشاب أن يعرف ما له وما عليه، وأن يفهم أنّ الرجولة ليست أوامر، بل قيادة ومسؤولية وإنفاق وعدل.
وعلى الفتاة أن تدرك أنّ الزواج ليس خلاصًا من سلطة الأهل، بل شراكة في بناء بيتٍ ومسؤولية في تربية جيل.
نحو أسرٍ أكثر وعيًا
إنّ من الواجب أن تُعمم الدورات التأهيلية للمقبلين على الزواج لتشمل الجوانب النفسية، والتربوية، والمالية، والتواصلية،
فهي ليست ترفًا اجتماعيًا بل ضرورة وطنية تساهم في تقليل نسب الطلاق التي تجاوزت 30% في بعض مناطق المملكة بحسب تقارير وزارة العدل لعام 2025.
إنّ الوعي الأسري ليس خيارًا، بل هو جدار الحماية الأول للأسرة والمجتمع.