كتاب الرأي

اللامسؤولية

الليلةُ شتائيةٌ، والجو بارد، والهدوء -غالبًا- في آخر الليل سائد، ولا شيء من التثريب في الخروج إلى شاطئٍ قريب؛ فالنفس المسكينة لها حقٌّ في الصَّفْوِ والهدوء والسَّكينة. وكوبٌ من القهوة لابد أن يكون رفيقًا في ساعة الخلوة.

وصلتُ إلى الوُجْهَة، فوجدتُ المكان باكيًا شاكيًا مما اعترى وَجْهَه؛ صورةٌ تحكي الكثير الكثير، من اللامسؤولية وغياب الضمير؛ فقد شدَّ المرتادون الرِّحال، وتركوا المكان في أسوأ حال؛ مخلَّفاتٌ غطَّت وجه الأرض، واجتاحت المكان بالطول والعرض!

قبلها بليلةٍ كنت مع أسرتي على شاطئٍ آخر، لكن في ساعةِ اكتظاظٍ، ومكانٍ زاخِر، وكانت هناك صورةٌ أخرى من صور التشوُّه، يعجز الإنسان أمامها عن الوصف والتفوُّه، وكان المستفيدُ هذه المرة هو المخذول، أمام غياب الضمير وتقصير المسؤول؛ فروائح النَّتَن التي اجتاحت المكان، كانت كفيلةً بأن تجعل المزاج والمتعة في خبر كان.

في كل مرةٍ نحوم حول متنزَّهٍ ولا نظفر بجلسة؛ لأن من كان قبلنا ترك مخلَّفاته وانسلَّ خِلْسة، ولأن حظَّنا العاثر التعيس أنسى المُتَنَزِّهَ أن يحمل في معيَّته كيس. وإن ظَفِرْنا بجلسةٍ صُدِمنا بخُضْرةٍ قد فارقتها النُّضرة، وجمالٍ شوَّهت ملامحه الكُدرة، وأراجيحَ تمايلت بعد انتصاب؛ لأنَّ يد العَبَثِ أذاقتها العذاب، ومع كل ذلك نختار الجلوس، ونخلو طلبًا لراحة النفوس، فنُصابُ بارتجاج؛ لأن مختلًّا يحومُ حولنا ويُظْهِرُ الإزعاج.

صُوَرٌ وغيرها الكثير، تحكي لنا عن غياب الضمير، وإذا ما غاب، فلن ينفع معه لوم ولا عتاب. ولو شاع فيما بيننا حب الخير للغير لما تكرَّرت مثل هذه الصور، ولما أصابنا حين البحث عن الصفو الكدر.

وصدق الأعرابي القائل:
إذا كان الطِّباعُ طباعَ سوءٍ
فلا أدبٌ يفيدُ ولا أديبُ

بقلم/ يوسف الشيخي

د . منصور الغامدي

مدير تحرير صحيفة وقع الحدث في المنطقة الغربية وصحف اخرى عضو في هيئة الإعلام المرئي والمسموع وعضو جمعية إعلاميون وعضو في هيئة الصحفيين السعوديين إعلامي من 17 سنه مستشار إعلامي لعدة مراكز وجمعيات حاصل على الدكتورا في إدارة الأعمال

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى