رحيق الذكريات

كثيرة هي تلك الذكريات التي نحتفظ بها وتمثل جزء لا يتجزأ من مسار حياتنا وتفكيرنا ، حيث منها السعيدة التي لا شعورياً نجد أنفسنا نبتسم ، بل ونضحك بصوت مرتفع عند تذكرها ، ومنها المؤلمة التي لازلنا عند تذكرها وكأننا نعيد فتح جراح غائرة لم تندمل ، وحول النوع الثاني من هذه الذكريات ربما يعترض مختصوا التنمية البشرية مطالبين بنسيان هذه الذكريات وجعلها في هامش ألا وجود ، غير أني أرى أن الذكريات بأنواعها لا يمكن أن تمحى من ذاكرة الإنسان ، خاصة إذا كان يتميز بذاكرة جيدة ، لأنه ومن خلال تعاملاتي وجدت الكثيرون لا يذكرون أحداث عدة منها ما هو مرتبط بدراستهم ومواقف مرت بهم كانت مهمة ومميزة في حينه وقد يكون نسيانهم لها من نعم الخالق عليهم لكي يستمروا في مراحل حياتهم دون وجود مايكدر عليهم صفوها أو يعيدهم إلى موجات ألم شديدة حال تعرضهم لمواقف مشابهة ..
أقول : إن الذكريات وعالمها عالم ممتع مهما كان نوع الذكرى فالذكريات السعيدة من الممكن اقتباس نقاط السعادة والنجاح والتفوق من خلالها مهما تكن بسيطة وأياً كان زمانها ، فربما موقف مر بك في سن الرابعة أو الخامسة أو العاشرة من العمر يدعمك عند اقتباسه وتحسينه وأنت في سن العشرين أو الثلاثين ، وكذلك المواقف المؤلمة من الممكن علاجها وتحويلها لخطط وخطوات للنجاح لمن هم يمرون في ذات المرحلة العمرية التي حدثت فيها لصاحبها إن كانت مرتبطة بمرحلة ما ، أو يتعلم هو منها لإكمال مسيرته نحو تحقيق أهدافه دون أن يكرر الأخطاء التي قد وقع فيها سابقاً ؛
الذكريات السابقة لا يعني دائماً الركون للعزلة وتذكرها كل حين والآخر والبكاء على مافات ـ أو التغني بإنجازات مر عليها عقود من الزمن ، وإنما تأسيس مجدٍ جديد والعمل لمستقبل قادم ، لذا فالنجعل من ذكرياتنا رحيقاُ نستقي منه عند حاجتنا ونتركه في مكانه لأن لدينا مشاريع صناعة ذكريات رائدة لأزمنة أخرى بإذن الله .
بقلم / مباركة الزبيدي
كاتبة وإعلامية