وهج المشاعر

فستان العيد

أقبلَ العيد ؛ قالَ لها :هل نسيتِ موعدَ العيد؟ موعدُه يوم ميلادك، ابحثي عن مرآتكِ القديمةِ التي عكستْ وجهَ أجملِ البنات ، وهناك على الرفِّ مناديلُ معطرةٌ تحملُ لك ذكرياتٍ ورديةٍ ، لم يبقَ من العيدِ غيرُ بضعةِ أيام، نهضتْ وتنهدتْ بعمقٍ وكأنما نشطتْ من أربطةٍ كبَّلتْها عن الحركة، بحثتْ عن المرآةِ فوجدتْها قد سلمتْ من هبوبُ رياحِ الأيام ، تبادلتْ مع المرآةِ النظراتِ وكأنَّ المرآةَ اشتاقتْ للحسناءِ التي غابتْ عن النظرِ إليها، ارتقتْ إلى الرفِّ وسحبتْ بضعَ مناديلَ ورديَّة، اختلطَ لونُ خدِّها بلونِ المناديل، مسحتْ دمعتين ترقرقتا من على وجنتيْها، احمرَّتْ الوجنتان كجمالِ زهورِ العيدِ وميْسِ الأغصانِ التي حملتْ عصافيرَ الفرحةِ في يومِ السعادة، جمعتْ فساتينَ الأمسِ التي كانت تلبسها، لم تكن بحاجةٍ إلى جديدٍ آخر، اكتفتْ بإحضارِ الأمسِ ليعيشَ فرحةَ اليوم ، جرَّبتْ واحدًا وأعادتْه إلى خزانته، لبستْ آخرَ فلم يعجبها، ارتدتْ فستانًا أبيضَ فتذكرتْ أنها تجمَّلتْ به في عيدٍ سابقٍ لاتعرف أيَّ عيد ، سرعان ماتذكرتْ تلك الهديةَ الجميلةَ التي جاءتها من صديقةٍ قديمة، ظلَّتْ تستعرضُ به كالحسناواتِ ، قرَّرتْ أن ترتديَه في يومِ العيد بعد أن أعجبها ، أرسلتْ به لمحلٍّ  لغسلِه وتجديدِه وإعادةِ وجهِ العيدِ القديمِ ليعيشَ معها الفرحةَ الآنية، برزَ العيدُ في يومٍ غائمٍ يُنبئُ عن هتَّان ، شكرتْ ربَّها بأنَّ السماءَ ستشاركها الفرحة، هتَّانٌ يشبهُ لباسَها يومَ العيد ، وضعتْ في حقيبتِها مابقيَ من المناديلِ المعطرةِ لتزيلَ بعضَ الدموعِ وقطرَات المطر، أخرجتْ من دولابها عطرًا أزرقَ كان يعجبُ أباها ، رشَّتِ المناديلَ ومعه الفستان ، نثرتْ على كلِّ جسدِها من ذكرياتِ الغائبِ عن العيد، ابتسمتْ للذين تبادلوا معها القبلاتِ، عرفوا صاحبَ العطر،  احتفلتْ بالفستانِالقديمِ وبالمناديلِ وبالعطرِ في يومِ ميلادها  .

محمد الرياني
أديب إعلامي تربوي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى