كتاب الرأي

قصتي مع الزبدة

 

في فترة مضت وحين كانت بعض الأجهزة الحكومية تكافئ بعض موظفيها بانتدابات لخارج المملكة يستفيد منها الموظف في دورة أو خلافه حينما كانت هناك وفرات ما قبل الميزانية!! كان لي شرف الإستفادة من ذلك حينما استفدت من انتداب صيفي لبريطانيا في عام 1404هـ لمدة شهرين التحقت فيها بالسكن مع عائلة إنجليزية في ضاحية هوف في برايتون وكان الحرص واضحا لتعليم اللغة والالتحاق بأحد المعاهد هناك..
العائلة الإنجليزية اعتادت إستقبال الطلبة الأجانب …
وكنا أربعة نمثل جنسيات مختلفة جئنا لتعلم اللغة في بريطانيا.. الأكل المقدم من العائلة لا يقارن بما اعتدنا عليه كشباب مليء بالحيوية والطاقة حيث نستفيد كذلك من فترة بعض الظهر لممارسة كرة القدم هناك….
كانت الوجبة صباحا شيئا من الزبدة وتوستا ثم الذهاب للمعهد.. العائلة وبقية الطلبة الأجانب يمسحون الزبدة على التوست بخفة ثم يفطرون وينصرفون أما صاحبكم ولقلة الأكل المقدم من العائلة في فترة الغداء والعشاء.. فكنت اتأخر قليلا في تناول الإفطار حتى يغادر الجميع وابدأ بوضع الزبدة بكمية وافرة على التوست واتناوله هنيئا مريئا.
استمر الحال على هذا المنوال زبد مكثف اغرفه غرفا من علبته واخرج للمعهد متخما وشاعرا بالشبع الذي يساعدني على مقاومة الأكل التعيس الذي تقدمه العائلة يوميا..
لقد تواصلت العلاقة مع الزبدة حتى كنت انتظر نوم العائلة وآتى ليلاً للثلاجة لآكل مالذ وطاب من الزبدة..
جلست في بريطانيا شهرين اتناول الزبدة بكثرة حتى أن العائلة دهشت من سرعة انتهاء الزبدة من المطبخ..
عدت بعد ذلك للمملكة وواصلت شراء الزبدة بكثرة وآكلها بكثرة غادرت للبعثة وواصلت أكل الزبدة صباحا ومساء.
أدخل المطعم وأول ما اسأل عن رفيقتي الزبدة
أركب الطائرة وعندما يقدم الأكل لا اكتفي بالزبدة الموجودة.
بل اطلب زبدة اضافية
عدت من البعثة في عام 1411هـ وواصلت اكل الزبدة وبحب أكثر وبرغبة أكثر .. وبدأت اتفنن في معرفة عناوين شركاتها ونوعية منتجاتها واصبحت خبرتي بالزبدة كبيرة
حتى الزبدة البلدي والزبدة من نتاج اللبن المنزلي مع التمر الاقط من الذ الوجبات عندي..
كنت أمارس الرياضة وبدأت مشاغلي مع نهاية عام 1414هـ تكثر فانعدمت الرياضة واستمرت الزبدة..
ازداد وزني وزاد مع الزبدة كمية اللحوم والشحوم التي نأكلها في وجباتنا الغذائية.
بعد أربعة عشرة عاما من إدمان الزبدة بدأت أشعر بآلام شديدة في الصدر وضيق في التنفس وراجعت الطبيب الذي شخصها على إنها الأم في الشرايين ولابد من عمل القسطرة
أدخلت للمستشفى وبدأ الدكتور يخبرني عن كمية الكولسترول الهائلة المترسبة في الشرايين والتي ضيقت على الدم المرور وبالتالي لابد من عمل توسعة البالون وضع دعامات لكي يسيرالدم بشكل افضل.
علم الطبيب عن قصتي مع الزبدة فدهش لقلة الوعي حول هذه الناحية خصوصا مع الزبدة الذي يعد اكثر الأشياء سببا للكلسترول المضر للشرايين.
آخر قياس للكلسترول بعد اجراء القسطرة والتوسعة هو 145 والحد الاعلى هو 239 بينما كان الكلسترول يضرب بالثلاثمائة وأكثر ..
اعتقد إنني اكلت ما يكفي من الزبدة وكان آخرها وجبة زبدة قبل زيارتي للطبيب والتي تمت قبل خمس سنوات..
انتهت الزبدة من حياتي وتفتحت شراييني أكثر
وبقى الاستمرار على الرياضة والمحافظة اكثر على الأكل الصحي القائم على الألياف والفيتامين والخضراوات والفواكه.
ولا زبدة بعد اليوم
لكن ما الذي حدث بعد اربع سنوات من عمل القسطرة والتوسعة بالبالون عادت حليمة لعادتها القديمة…
اللحم والرز والحلويات آكلها بدون تردد
انقطعت عن الرياضة وعدت اسير إلى المكتب والانغماس في العمل والتهام الأدوية بدون هوادة شيء للكلسترول وشيء للشريان ولا نعلم أين نسير مع المرض.
نسأل الله العلي القدير أن يجنبنا الأمراض ويعافينا منها.

…….

د. سعود بن صالح المصيبيح

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى