إعلامُ المملكة… رسالةُ الحق وقوةُ التأثير.
بقلم- ناصرمضحي الحربي
لا تقلّ مكانة الإعلام في حياة الدول عن مكانة السلاح في معارك الدفاع عن الوجود والهوية؛ فبه تُصان الحقوق، وتُحمى المصالح، وتُبنى الصورة الذهنية للأوطان في الداخل والخارج. الإعلام اليوم قوة ناعمة ذات تأثير عميق، وأداة نفوذ فاعلة، وصوت تعبّر من خلاله الدول عن مبادئها، وتُعلن به مواقفها، وتدير عبره حضورها في عالمٍ يتغيّر بوتيرة متسارعة.
ومن هنا، فإن السياسة الإعلامية الرشيدة ليست ترفًا تنظيريًا، بل ضرورة استراتيجية، قوامها القدرة على التكيّف مع المتغيرات، واستيعاب التحولات، ومواجهة الأزمات بوعي واتزان. إعلامٌ يمتلك المرونة التي تمكّنه من مواكبة كل مرحلة، والحكمة التي تجعله يختار خطابه بدقة، فلا ينجرّ إلى الارتجال، ولا يقع أسير الجمود، بل يتحرك وفق قراءة واعية للمشهد، وتشخيصٍ دقيق للحدث، وتقديرٍ مسؤول لعواقب الكلمة وتأثيرها.
وإذا أردنا أن نبحث عن نموذج واقعي يُحتذى في السياسات الإعلامية، فإن إعلام المملكة العربية السعودية يفرض حضوره بوصفه مثالًا متقدمًا في هذا المجال.
إعلامٌ تتجلى في ملامحه صفاءُ المقاصد، ونبلُ الرسالة، وعمقُ الرؤية، تقوده عقول واعية، وتشرف عليه ضمائر حيّة، وتعمل على صياغته كفاءات تدرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها.
لقد اجتمعت لإعلامنا السعودي مقومات النجاح؛ من إمكانات مالية راسخة، وكفاءات بشرية مؤهلة، وبنية تنظيمية تتبنى المنهج العلمي في التخطيط والتنفيذ، فضلًا عن مرجعية فكرية وقيمية واضحة تستند إلى راية الإسلام الخالدة، وتنهل من قيمه الراسخة التي جعلت من الصدق أمانة، ومن الحق مبدأ، ومن الكلمة مسؤولية.
ورغم تعدد التجارب الإعلامية على الساحة الدولية، وتشابه بعضها معنا في الإمكانات أو الأدوات، فإن الإعلام السعودي يظل متفردًا بمرتكزين جوهريين يصنعان هويته ويمنحانه تميزه الحقيقي.
أولهما: أنه إعلام منبثق من عقيدتنا الإسلامية الصحيحة، يستمد منها رؤيته، ويعبّر عنها بثبات ووضوح، دون مواربة أو ازدواجية، محافظًا على توازنه بين الأصالة والمعاصرة.
وثانيهما: أنه إعلام يضع إحقاق الحق غايته الأولى، فلا يزيّف الوقائع، ولا يلتف على الحقائق، ولا يجعل من التضليل وسيلة، بل يعمل لخدمة الحقيقة كما هي، ويقدّمها للناس بوعي ومسؤولية، إيمانًا بأن الصدق أساس الثقة، وأن الثقة رأس مال الإعلام الحقيقي.
إنه إعلام يجعل من الصدق قيمة عليا، ومن الحق منهجًا ثابتًا، ومن الدين أساسًا أخلاقيًا وفكريًا تقوم عليه رسالته، وتتشكل من خلاله رؤيته للعالم والأحداث.
وهكذا يظل الإعلام السعودي — بإيمانه العميق، وصدقه الواضح، وعمقه المسؤول — إعلامًا حقيقيًا، لأنه قبل كل شيء إعلامٌ إسلامي، إعلامُ الحق، وصوت وطنٍ يعرف من هو، وإلى أين يتجه، وكيف يخاطب العالم بثقة واقتدار.
نشر في – صحيفة وقع الحدث
الجمعة 19 ديسمبر 2025
كتاب الرأي

