الموجز الاخباري لصحيفة وقع الحدث تابعنا من هنا

كتاب الرأي

عامٌ جديد… وصفحة بيضاء تنتظر حبر النوايا

بقلم/ ناصرمضحي الحربي

عامٌ مضى، وآخر أقبل، كأن الحياة تمضي بنا على قطار لا يعرف التوقف، نتقلّب بين محطات الفرح والحزن، بين النجاح والعثرة، بين اللقاء والفقد، وكل عام نودّع فيه ما كان، ونتهيأ لما سيكون. فها نحن نطوي صفحة من صفحات العمر، ونستعدّ لكتابة فصلٍ جديد في سِفر الحياة… عامٌ جديد، نعلّق عليه آمالنا، ونرجو فيه أن يكون أحنّ من سابقيه، وألطف مما مضى.

في كل بداية، تتجدد الأرواح، وتتهذب القلوب، وتتسع الصدور لأحلام طال انتظارها، وخطط لم تكتمل بعد، ونيات تُبعث من رماد الخيبة. إن في بزوغ العام الجديد فرصة لا تتكرر، إذ يمنحنا الحياة متسعًا لمراجعة النفس، واختيار الطريق، وإعادة ترتيب ما بعثرته الفصول السابقة. فكم من عام مضى ونحن نُحمّل قلوبنا بأحمال لا تليق، ونعلّق على أيامنا ظلال خيبات وأوجاع؟ وها هو العام الجديد يهمس لنا بأن نترك كل ما أثقلنا، ونمضي بما يضيء لنا الدرب، ويبهج قلوبنا، ويُنعش أرواحنا التي أرهقتها المحطات.

لنبدأ هذا العام بنيةٍ صافية، نيةٍ لا تشوبها ضغينة، ولا يعكّر صفوها حقد أو حسد. فالله وحده يعلم ما نُخفي من نوايا، وما نحمله في قلوبنا من رجاء. فلنملأ هذا العام بالدعاء، ونرجو من الله أن يجعل أيامه مباركة، ولياليه مطمئنة، وساعاته شاهدة لنا لا علينا. فرب دعوة خرجت من قلب صادق، غيّرت القدر، وأبدلت الحال، وجعلت من المستحيل واقعًا.

عامنا الجديد ليس مجرد أرقام على تقويم، بل هو عمرٌ يُزاد، ومساحة نعيش فيها تجارب أخرى، نلتقي فيها بمن لم نلتقِ، وننجز فيها ما عجزنا عنه، ونقوّم فيها ما اعوجّ، ونجبر فيها ما انكسر. هو فرصة لأن نُعيد ترميم العلاقات التي تصدّعت، ونغرس بذور الخير في من حولنا، ونكون أكثر قربًا ممن نحب، وألطف أثرًا في حياة من نصادفهم.

في العام الجديد، لنجعل القيم هي البوصلة، والرحمة هي القانون، والتسامح هو الشعار. فالعالم لا يحتاج مزيدًا من القسوة، بل مزيدًا من الإنسان. الوطن لا يحتاج صوتًا أعلى، بل نية أصدق. والناس لا يريدون منّا الكمال، بل اللطف، والتفهّم، والدعاء.

نسأل الله أن يكون هذا العام بداية عهد جديد، يعمّ فيه الأمن، وتزدهر فيه الأوطان، وتعلو فيه الكلمة الطيبة، ويُرفع فيه الظلم، وتُصان فيه الكرامات، وتُجبر فيه القلوب، وتُكتب فيه النجاة لمن ضاقت بهم الدنيا. نسأله عامًا ترتوي فيه الأرض عدلًا، وتُضاء فيه الدروب أملًا، وتُسقى فيه الأرواح يقينًا.

وكل عام وأنتم بخير، قلوبكم بخير، وأيامكم بخير، ونواياكم بخير.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى