الموجز الاخباري لصحيفة وقع الحدث تابعنا من هنا

كتاب الرأي

جودة تفكيرك تحدد جودة حياتك – فـ تأمل في جوهر الوجود

✍️ ناصرمضحي الحربي :

في عمق هذا الوجود، حيث تتقاطع الأفكار مع الأحداث، وتتشابك الأمنيات مع الحقائق، تنكشف الحقيقة الكبرى التي يتغافل عنها الكثيرون: العقل ليس مجرد أداة لفهم الحياة، بل هو الخالق الأول لتجربتنا فيها.

حين تستيقظ صباحًا، ليس العالم هو ما يتغير، بل الزاوية التي ترى منها العالم. فما الحياة إلا مرآة صامتة، تعكس أفكارك دون أن تجادل. من يزرع الشك في أرض عقله، لا يحصد سوى الحيرة، ومن يروي جذور وعيه بالهدوء والثقة، ينبت له السلام حتى وسط العواصف.

الفلسفة تعلمنا أن الواقع ليس ما يحدث لنا، بل ما نُسقِطه نحن على ما يحدث. الحدث قد يكون واحدًا، ولكن رد الفعل يختلف بتباين العقول. هناك من يرى في التأخير فرصة للتأمل، وهناك من يراه انهيارًا للسيطرة. بينهما لا تقف الحقيقة، بل يقف اختلاف التفكير.

ليست جودة الحياة في وفرة المال، ولا في راحة الجسد فقط، بل في صفاء الفكرة، ونقاء المنظور، وسعة التأويل. كيف ترى نفسك؟ كيف تفسر الفشل؟ كيف تحاور آلامك؟ هذه ليست مجرد تساؤلات، بل هي الأساسات التي تقوم عليها ناطحات حياتك النفسية والروحية.

تخيّل أن عقلك غرفة، وكل فكرة تدخلها، تترك أثرًا على الجدران. فهل تزينها بأفكار نورانية، أم تتركها تمتلئ بالغبار؟ الفكرة الجيدة تُضيء الداخل، والفكرة السلبية تُطفئ النور من حولك. وعندما يُطفئ النور، تبدأ الحياة بالتحول من رحلة إلى عبء.

جودة التفكير ليست مثالية جامدة، بل هي فنٌّ متجدد لاختيار الفكرة الأسمى في كل لحظة. هي التزام بأن ترتقي فوق ردود الفعل الغريزية، وتختار أن تكون أنت السيّد على عقلك، لا العكس. وهي شجاعة أن تقول: “سأعيد صياغة هذا الألم”، بدلًا من أن تستسلم له.

في النهاية، لا شيء يتغير إن لم يتغير داخلك أولًا. الواقع قد لا يُطوِّع نفسه لرغباتك، لكن عقلك يملك أن يُطوِّع نفسه للتوازن، للمعنى، للسلام. ومنه، تبدأ الحياة في التغير.

فاختر فكرتك، كما تختار طريقك. لأن جودة تفكيرك، هي التي تنسج نسيج حياتك

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى