تغول الجوال يفتك بالتأمل
تهاوت تحصينات الإنسان بشكل مخيف أمام زحف ، وهيمنة الآلة التي هي من صُنع يده .
هل يكفي أن اختصر وصف المشهد بمقولة : انقلب السحر على الساحر !!
أم أن الإنسان أحمق بالقدر الكافي لفقد الرشد المفترض مع ما سخره الله لنا من ممكنات لحياة نسعد بها ، ولا نشقى .
في خضم ممارسة الاستخلاف ، والتسخير تنقلب المعادلة فيتموضع الشئ أو الأداة مكان الممارس فيحل الشقاء ، وتنهار الذات ، وتغشاها المشكلات .
الحواس الخمس لدى البشر ممكنات لمركز صنع القرار المكون من العقل ، والروح اللذان يتقاسمان المساحة للتفاعلات مع موازين احتياجات الحياة بإرادة واعية ومسؤولة.
من التقاسمات ، والتوازنات القليلة التي يتناصف بها العقل ، والروح المساحة للحوار ، والتوافق هي لحظات التأمل .
التأمل من خلاله تهدأ الروح من فوران العاطفة ؛ والعقل يتجنب غروره ، وقسوته .
عن طريق التأمل يتم صناعة القرار الإنساني الرشيد.
لكن وسائل الاتصال يتزعمها الجوال بتوحشه سرقت التأمل ، وجعلته أسيرًا كسيحاً عدا سوانح
من إضاءات خاطفة ! غالبا غير مقصودة بين العقل ، والروح .
حدثت معي أثناء سفري جوا من الرياض إلى الباحة وبسبب عدم حمل شاحن للجوال ، ولتفادي نفاد طاقة التشغيل أغلقت الجوال من لحظة دخول مطار الملك خالد الدولي بالرياض إلى أن نزلت مطار الملك سعود في الباحة للتواصل مع الذي سألتقيه .
لقد هالني بل أرعبني حالة الركاب
، وتشبثهم ، وانقيادهم لسارق التأمل بالقدر الذي يُشقي حيث الوحدة ، وتراكم الوهم ، وضحالة المعرفة ، وتسليم الذات ، وفقدان الرشد .
عجباً لنا نحن البشر ! نصنع الجوال بأيدينا فإذا به من يتحكم فينا .
ودمتم سالمين ،،،،،،،،،،،،،
د/إبراهيم بن عبدالله العبدالرزاق
المملكة العربية السعودية
القصيم-بريدة.