كتاب الرأي

الشذوذ وإنتحار الحضارة الغربية

المتأمل في الشأن العالمي يقف حائراً مذهولاً من حجم الدناءة التي وصلت لها الحضارة الغربية والأوروبية بشكل مفزع تحت ذريعة تقبّل المختلف أو حرية التعبير عن الميول أو دعم المطالبة بالحقوق  الأمر لا يقف عند ذلك وحسب بل تعدى ذلك إلى أن يكون جزء في أنظمتهم التعليمية والثقافية بحسب كثير من المصادر الإعلامية التي أذاعت ذلك ورحبت به داخل مجتمعاتهم وهذا الأمر يشعرك بضخامة الكارثة الإنسانية ومستوى الإنحدار الأخلاقي الذي وصل له الغرب  ومقاتلتهم باستماته وشراسة لنشر الشذوذ الجنسي في العالم أو ما يسمى بـ (المثلية الجنسية) وهم أولئك الذين يسمون أنفسهم عالمياً بمجتمع (الميم) أو مجتمع الـ (LGBT) وهو مصطلح استحدثه الشواذ لمجتمعاتهم القذرة من متحولين جنسياً ومزدوجي الميل الجنسي والجماعات والمنظمات الداعمة لهم ، وهو اختصار للكلمات Gay Bisexual Transgender Lesbian.

ويبدو جلياً بأن هناك أيادي خفية وأخرى ظاهرة ومتنفذة تقود العالم إلى الهاوية والهلاك وتتبنى هذه القيم المُنافية تماماً للفطرة السوية وتقود الجنس البشري إلى أبشع أنواع الرذيلة التي عُرفت على وجه الأرض فهذه الموجة الشرسة القادمة فعلياً من الكتلة الغربية الأوروبية هي نذير شؤم وناقوس خطير جداً بكل ما تعنيه الكلمة وتاريخياً يعود ظهور مصطلح (المثلية الجنسية) وجماعاتها إلى أواخر القرن التاسع عشر بحسب ما أورده عالم الاجتماع الفرنسي ميشيل فوكو في كتابه (تاريخ المثلية) وذكر فيه بأن أول تعارف للعالم على مصطلح HOMOSEXUAL أو (مثلي الجنس) عندما أرادت الملكة فكتوريا أن تضع حداً لرجال الطبقة الأرستقراطية في المجتمع البريطاني آنذاك عن التوقف من ممارسة الجنس مع الذكور.
وهذا الأمر أزعج وأرّق الملكة كثيراً فكلّفت الأطباء في حينها بدراسة تلك الظاهرة لإيجاد علاج لها ولم يمضِ وقت طويل حتى أعلن الأطباء أن المثلية داء قابلاً للعلاج ثم لحق بهم القضاء ليجرمها قانونياً في ظل عدم تسامح الملكة فيكتوريا مع هذه الظاهرة والتي أعدتها خروجاً على النمط البشري حتى استطاعت فيما بعد السيطرة عليها بالقوة والعقاب.
كما يخبرنا التاريخ البشري بنماذج أكثر إرباكاً وشذوذاً من ذلك ففي الثقافة اليونانية القديمة عُرف ما يسمى بـ (المثلية العرفية) وكان شائعاً في ذلك الوقت ظهور علاقات مثلية بين الصبية والذكور الأكبر سناً أما النموذج الأقدم والأكثر قبحاً وبشاعة هو نموذج (المثلية الشعائرية) في الجزر السوداء التي اعتبرت المثلية طقساً شعائرياً وضرورة واجبة على الذكور لإتمام عملية البلوغ ثم يدخلون في علاقات مثلية مع الذكور البالغين استجابة للمعتقدات والشعائر كما يظنون .
هذا السرد التاريخي المختصر يوضح لك الصورة التي كان يتبناها جزء من الغرب الأوروبي قديماً لمثل هذه المعتقدات والقيم المنافية للفطرة الإنسانية السوية وبالرغم من أنها لم تكن سائدة بشكل كبير إلا أنها كانت جزء من ثقافتهم وأن ما يحدث الآن هو امتداد لهذه الثقافة القبيحة لا أقل ولا أكثر  وأنهم يعانون منذ قديم الزمان من إزدواجية القيم والمبادئ وربما شذوذها في كثير من الأحيان، ولكن ما يتم تدويله الآن ونشره عالمياً والضغط على الحكومات والدول بالاعتراف به وبشكل مخيف تقف خلفه منظمات مدعومة من قبل حكومات لها توجهات فكرية منتكسة ومخالفة لطبيعة البشر تحاول من خلالها الترويج لما يسمى بالحقوق المدنية للمثليين جنسياً وبالرغم من أنها مسألة حديثة إلا أنها أصبحت موجة متصاعدة نحو الشرق والعالم بشكل مرعب .
ومن المؤكد تماماً بأن جميع الأديان السماوية تواجه المثلية الجنسية بالرفض التام وتجرمها وتعاقب عليها وأهمها الإسلام والمسيحية وهما أكثر الديانات انتشاراً في العالم إضافة إلى الديانة الإبراهيمية الثالثة وهي اليهودية وقد وردت النصوص في ذلك من القرآن في قصة لوط  والكتاب المقدس في عهده الجديد وكذلك التوارة في سفر اللاويين.
المخيف في هذه الموجة العالمية الصاعدة التي تسعى جاهدة من خلال جميع منافذها الإعلامية والتعليمية والثقافية هو تعزيز مفهوم المثلية الجنسية والتسويق لها على أنها حريات شخصية يجب تقبلها والسماح لها بممارسة طقوسها كحق مكتسب وهو من وجهة نظر الكثير من معتنقي الديانات السماوية الثلاث بمختلف ألوانهم وأجناسهم بأنه بمثابة الأسفين الأخير في نعش الحضارة الغربية والأوروبية إذا استمر الوضع على ما هو عليه حالياً دون مواجهة ذلك من قبل الحكومات والشعوب وأن هذه الحضارات بدأت فعلياً في الإنتحار بشكل تدريجي ومخيف.
ومع إزدياد حدة تسييس قضية المثلية الجنسية عالمياً التي بدأت شرارتها من الولايات المتحدة الأمريكية 2015م وخطابها الداعم بنشر فكرة (طبيعية) الشذوذ الجنسي  فإن هناك موجة شك وهجوم كبير في مصداقيتها علمياً من قبل العلماء ومن ذلك ما يقوله الأخوان الأكاديميان نيل و بريار وايتهيد فيما نصه  (أن الغرب كان موضوعًا لحملة من التضليل والخداع في السنوات العشرين أو الثلاثين الأخيرة جعلت مؤسساته العامة من المشرّعين إلى القضاة ومن الكنائس إلى التخصّصات الذهنية والصحيّة يؤمنون بشكل واسع أن المثلية الجنسية موروثة عضويًا وبالتالي لا يمكن تغييرها) .
وبعد كل ما سبق فإن القانون الإلهي في هذه المسالة لا يقبل التأويل أو الدراسة أو التقبّل وأن العقاب لهذه الفعلة شديد ومخيف بنص الآية الكريم (فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) قال أهل العلم في لفظ المتوسمين أي الناظرين والمعتبرين .
عبور :
مايتبناه الغرب من قيم دنيئة ويقوم بتشريعها هو صفحة سوداء في تاريخ البشرية لم يسجل التاريخ مثلها.

بقلم :

محمد بن مرضي

باحث دكتوراه في علم النفس

د . منصور الغامدي

مدير تحرير صحيفة وقع الحدث في المنطقة الغربية وصحف اخرى عضو في هيئة الإعلام المرئي والمسموع وعضو جمعية إعلاميون وعضو في هيئة الصحفيين السعوديين إعلامي من 17 سنه مستشار إعلامي لعدة مراكز وجمعيات حاصل على الدكتورا في إدارة الأعمال

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى