الموجز الاخباري لصحيفة وقع الحدث تابعنا من هنا

كتاب الرأي

قطرات حياة.. من قلب البكيرية

بقلم/ ناصرمضحي الحربي

في زاوية دافئة من أرض القصيم، وعلى ضفاف المحبة والعمل الإنساني، تهادى مشهد إنساني نبيل في محافظة البكيرية، حيث اصطفت القلوب قبل الأذرع، وتسابقت الأيادي نحو فعلٍ يحمل من النبل ما يفوق كل وصف: التبرع بالدم.
هناك، في مقصورة الراجحي، اجتمع النبض على نبض، وانسابت القطرات الحمراء لا كدم فقط، بل كرسائل حياة، وحكايات إنقاذ، ودليل حيّ على أن العطاء لا يحتاج إلى مال، بل إلى قلبٍ ينبض بالرحمة وإحساسٍ لا يعرف التردد.
نظّمت جمعية رعاية المرضى بالبكيرية، بالشراكة مع تجمع القصيم الصحي ممثلاً بمستشفى البكيرية العام، وبمشاركة فرع هيئة الهلال الأحمر السعودي، حملة للتبرع بالدم. لم تكن حملة اعتيادية، بل كانت بمثابة احتفال جماعي بروح البذل، وساحة لقاء بين المروءة والتكافل، حيث امتزجت المسؤولية الصحية بالمسؤولية المجتمعية، وتحولت المبادرة إلى أنشودة جماعية غناها الجميع.
حضر المشهد رجال من طراز رفيع:
الدكتور ماجد السعدون، مدير مستشفى البكيرية العام،
والمهندس محمد اللحيدان، رئيس مجلس إدارة جمعية رعاية المرضى،
والأستاذ يوسف الراجحي، المشرف العام على المقصورة،
إلى جانب جمع من المسؤولين والمحبين والداعمين، الذين آمنوا أن الإنسانية لا تزال تتنفس بيننا.
حملة احتفت بكل فئات المجتمع، دون استثناء أو قيد، فالدم لغة واحدة يفهمها الجميع، حين يكون الغرض منها إنقاذ حياة.
ومن أجمل ما في هذه التظاهرة النبيلة، أنها لم تكن فقط لصالح المتلقين، بل كانت أيضاً في مصلحة المتبرعين أنفسهم؛ فالتبرع بالدم لا يخفف فقط معاناة الآخرين، بل يفتح نافذة للصحة والنقاء من جديد، إذ يسهم في تجديد الدم وتنشيط الجسم وخفض الحديد الزائد، وكأن الجسد يُكافئ صاحبه على فعله.
في ختام الحملة، جاء التكريم لا بوصفه واجبًا إداريًا، بل عرفانًا وامتنانًا، فكرّم مدير المستشفى ورئيس الجمعية كل من شارك وتبرع وساهم، ليظل العرفان سمة من سمات هذا المجتمع الوفيّ.
وما بين جولة الدكتور ماجد السعدون داخل مقر الجمعية، واطلاعه على المستودع والبرامج والأنشطة، تتجلى صورة تكامل الجهود الصحية والخيرية، ويتضح كيف يمكن لمثل هذه المؤسسات أن تشكل نواة صلبة في دعم المنظومة الصحية وبناء الإنسان.
في النهاية، تبقى هذه الحملة في البكيرية شهادة جديدة على أن الوطن لا يزال عامرًا بالقيم التي تُحْيي، وبالنفوس التي تزرع الخير بصمت. وأن قطرة دم، قد تكون عند الله أعظم من ألف كلمة، لأنها منحت حياة، وكتبت قصة جديدة على جبين الإنسانية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى