الموجز الاخباري لصحيفة وقع الحدث تابعنا من هنا

كتاب الرأي

في ظلال العطاء الإيماني: سقيا الحجاج في عرفات

✍️ ناصرمضحي الحربي :

تمضي المملكة العربية السعودية بخطى واثقة في خدمة ضيوف الرحمن، مجسدةً دورها الريادي في رعاية شعائر الحج، ليس بالكلمات فحسب، بل بالأفعال والمبادرات التي تتجدد كل عام، ومن أبرزها هذا العام مشروع “سقيا الحجاج” الذي أطلقته وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في الساحات المحيطة بمسجد نمرة بمشعر عرفات، ضمن خطة شاملة لرفع جودة الخدمات المقدّمة في مساجد المشاعر المقدسة لموسم حج 1446هـ.

ليس هذا المشروع مجرد إضافة خدمية، بل هو تجسيد حي لمعاني العناية والرأفة، إذ يهدف إلى توفير مياه شرب باردة للحجاج، والحد من حالات الإجهاد الحراري التي قد تنشأ بفعل الازدحام وحرارة الطقس، عبر تركيب وتشغيل 70 وحدة تبريد مياه، تصل الطاقة الإنتاجية لكل وحدة إلى ألف لتر في الساعة، في مشهد إنساني يعانق الحاج بطمأنينة ويسقيه من فيض العطاء.

وقد وُزعت هذه الوحدات بشكل استراتيجي في الساحات الخلفية للمسجد، متكاملة مع مشروعي المظلات والرذاذ المائي، لتنسج معًا بيئة أقدر على مواجهة حرارة الأجواء وتوفير الراحة الجسدية والنفسية لضيوف الله. ومن حيث الإمكانيات، تتمتع كل وحدة بقدرة على خدمة نحو ألفي حاج في الساعة، ليصل إجمالي عدد المستفيدين في الساعة الواحدة إلى 140 ألف حاج.

ولم تغفل الوزارة البنية التحتية، فأنشأت شبكتين متخصصتين، إحداهما لتغذية المياه والأخرى للصرف الصحي، بما يضمن استدامة تشغيل الوحدات وفق أعلى المعايير الصحية والفنية، وهو ما يعكس احترافية التخطيط والتنفيذ، والتكامل بين الخدمات الميدانية والهندسية.

هذا المشروع لا يأتي بمعزل عن غيره، بل هو امتداد لمبادرات تطويرية متواصلة، تنفذها الوزارة سنويًا، تُسخّر فيها أحدث التقنيات والوسائل لتسهيل أداء المناسك على الحجاج، في تجربة إيمانية متكاملة تمزج بين روحانية المشهد وجودة الخدمات.

إن هذه الجهود المباركة تعكس، بلا شك، حرص القيادة الرشيدة – حفظها الله – على رعاية ضيوف الرحمن وتوفير كل ما يعينهم على أداء مناسكهم بيسر وسكينة، ويؤكد مكانة المملكة بصفتها قلب العالم الإسلامي، وموطن الحرمين الشريفين، والخادمة الأولى لقاصديه من شتى بقاع الأرض

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى