الموجز الاخباري لصحيفة وقع الحدث تابعنا من هنا

كتاب الرأي

السعادة بالحب: درع لا يُضاهى

✍️ ناصرمضحي الحربي :

في خضمّ هذا العالم المليء بالصراعات والضجيج، تبقى السعادة الحقيقية كامنة في أبسط المشاعر وأصدقها: الحب- فالحبّ ليس مجرد كلمات تُقال، بل مواقف تُترجم، وطمأنينة تُعاش، وحضور يُشبه الأمان حين يعمّ حدود الوطن. وما من سعادة تضاهي سعادة المرأة حين تجد الحب الذي يحميها، ذلك الحب الذي يكون لها درعًا كما الجنود البواسل على حدود الوطن، يذودون عنها ويحرسون أنوثتها من قسوة الحياة.
المرأة لا تطلب الكثير كما يُخيّل للبعض؛ هي لا تبحث عن ثروة، ولا تسعى خلف منصب. كل ما تريده هو رجل يُشعرها بالأمان، رجل يكون لها وطنًا، تقيم فيه بعيدًا عن الخوف والخذلان. رجل يقف إلى جانبها لا أمامها، يحتضن ضعفها لا يُدينها، يقرأ صمتها، ويفهم أن حاجتها الأولى ليست الهدايا، بل الشعور بأنها مُصانة، كما تُصان حدود البلاد من كل خطر.
المرأة، حين تُحب، تمنح قلبها بكامله. لكنها، رغم رقتها، لا تريد أن تكون زهرة تعبث بها الرياح. بل تريد من الحب حصنًا يُشبه الثكنة، وعناقًا يُشبه حضن وطن لا يُخذل. تريد رجلًا يُدافع عنها لا بالصوت العالي، بل بالفعل الصامت، بالحضور الذي لا يغيب، وبالحنان الذي لا يُكسر.
الرجل الذي تفوز به قلب امرأة ليس بالضرورة الأقوى جسدًا، بل الأقوى موقفًا، الأكثر صبرًا، والأشد حراسةً لطمأنينتها. هو من يقف حين تميل، ويُقاتل حين تُظلم، ويُطمئن حين تضطرب. رجلٌ قلبه ثكنة، وصدره مرفأ، وكلماته أمان.
تمامًا كما يسهر الجنود على الثغور، تتوق المرأة إلى رجل يسهر على تفاصيلها، يُدرك أن قوته في حنانه، وأن رجولته تكتمل حين يصير لها سندًا ودرعًا. فأن تكون لها كما هم رجال الحدود للدولة، يعني أن تُحسن الحراسة على قلبها، وأن تردّ عنها برد الليالي وظلم الأيام، وأن تكون أول من يلتفت إن اشتدّ الخطر أو حلّ التعب.
الحبّ حين يكون عميقًا وصادقًا، يغدو حصنًا لا تُخترق أسواره، وتغدو الحياة معه أجمل وأهدأ، ولو خلت من كل الزينة. فكم من امرأة كانت في غنى عن كل شيء، لكنها حين افتقدت الأمان، شعرت بالفقر وإن كانت تملك كنوز الأرض. وكم من أخرى ملكت قلبًا صادقًا، فارتدت به تاج السعادة، واغتنت بحمايته عن الدنيا وما فيها.
إن السعادة بالحب ليست وهماً ولا مبالغة؛ إنها واقع يعيشه من اختار أن يحب بصدق، ومن كان له في قلبه مكان للوفاء والحماية. والرجل الذي يُجيد حبّ امرأته كما يُجيد الجندي حماية وطنه، هو بطل في عينيها، فارس لا يُنسى، وكنز لا يُقدّر بثمن.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى