الموجز الاخباري لصحيفة وقع الحدث تابعنا من هنا

كتاب الرأي

قلبان ينبضان في صحراء واحدة: الرياض وواشنطن على درب الشراكة المستدامة

بقلم – ناصرمضحي الحربي

في صباحٍ مشرقٍ من أيار، حيث تتراقص أشعة الشمس على أبراج الرياض المزدانة بالعزيمة، شهدت العاصمة السعودية مشهداً يليق بكُتب التاريخ، حين اجتمعت رؤيتان وطموحان في لحظة واحدة، جمعت صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، والرئيس الأميركي دونالد ترمب، تحت سقف الشراكة الاستراتيجية.
لم يكن هذا اللقاء مجرد اجتماع بروتوكولي، بل كان ولادة جديدة لعلاقاتٍ ضاربة في عمق التاريخ، خرج منها العالم بـمراسم توقيعٍ لمجموعة واسعة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، توزعت بين السياسة والدفاع، وبين العلوم والثقافة، كأنها خيوط نور تمتد لتربط بين قارتين وحضارتين، يجمعهما الحلم وتوحدهما الأهداف.
تجلت ملامح الشراكة في اتفاقية اقتصادية استراتيجية، صيغت بروح المستقبل، تُعزز التعاون في مجالات الطاقة والتجارة والتقنية. وعلى بعد أميال من الأرض، امتدت الأيدي لتوقّع اتفاقية فضائية بين وكالة الفضاء السعودية ووكالة “ناسا”، لترصد النجوم وتستقرئ الطقس الفضائي، في إطار مهمة “أرتميس 2”، وكأن الطموح المشترك لا تقيّده حدود ولا تحجبه سماوات.
وفي الأرض، حيث يقف الإنسان وجهاً لوجه أمام التحديات، وُقّعت مذكرات في الصحة والأمن والدفاع، من مكافحة الأمراض المعدية، إلى تعزيز قدرات القوات المسلحة، إلى توحيد الجهود في وجه الجريمة والإرهاب. إنها حرب جديدة تُخاض لا بالسلاح فقط، بل بالعلم والعقل والتعاون.
أما الثقافة، فكانت حاضرة كصوتٍ ناعم في هذا الحفل الصاخب، عبر اتفاقيتين بين الهيئة الملكية لمحافظة العلا ومؤسسات أميركية عريقة، لعلها تُعيد للعالم اكتشاف عبق التاريخ، من حدائق الحيوان إلى المتاحف الآسيوية، ومن الفنون إلى حماية التنوع البيولوجي.
ولم تغفل هذه الاتفاقيات عن ثروات الأرض، فكانت هناك عقود في التعدين والطاقة، تُمهّد الطرق للاستثمار في الموارد الاستراتيجية، وتُعيد رسم خريطة الطاقة التقليدية والمتجددة.
هكذا، في قلب الصحراء، انبثقت لحظة عظيمة، نُسجت فيها خيوط الغد بين الرياض وواشنطن، على أساس من الاحترام والمصالح المتبادلة، ورغبة صادقة في أن يحمل الغد أكثر مما حمله الأمس. إنها شراكة لا تنحني لرياح السياسة العابرة، بل تقف كجسرٍ يمتد بين قلبين، ينبضان في صحراء واحدة، نحو مستقبل واحد.

 

ناصرمضحي الحربي
وقع الحدث
الثلاثاء 13 مايو 2025

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى