كتاب الرأي

“حرّاس الفضيلة… وتجار السقوط”

ناصرمضحي الحربي

في كل زاوية من زوايا هذا المجتمع، ستجد من ينصّب نفسه حارسًا للفضيلة.
يتحدث عن الأخلاق كأنه منزل من السماء، يلاحق الناس بأعينه، يتجسس على تصرفاتهم، يحكم عليهم من خلال مظهرهم، لهجتهم، حساباتهم، ضحكاتهم وحتى سكوتهم.

لكن المفارقة الصادمة أن أكثر هؤلاء “الحرّاس” ليسوا أنقياء كما يدّعون، بل هم أول من يسقط حين لا يراهم أحد.

هو يهاجم المحتوى “غير اللائق” صباحًا، ويبحث عنه في الظلام مساءً.
هو يلعن الانحلال، لكنه يغازل الفتيات في الخاص.
هو يكتب عن العفّة، ويبتز الفتيات بصورهن.
هو يخوّن الناس في دينهم، ويكذب ويغتاب ويأكل حقوقهم دون أن يرمش له جفن.

المشكلة ليست في الخطأ، كلنا نخطئ.
المشكلة في من يجعل من نفسه ميزانًا للحق، وهو ذاته غارق في الزيف.
المشكلة في المجتمع الذي لا يهاجم الخطيئة، بل يهاجم من تظهر عليه الخطيئة.
يركض خلف العناوين، ويغضّ الطرف عن الجرائم الفعلية.
يكره من يعترف بخطئه، ويحب من يُتقن التمثيل.

هؤلاء ليسوا حرّاسًا للفضيلة…
هؤلاء تجّار أخلاق موسمية، يبيعون كلامًا ويشترون سكوت الناس.

الفضيلة الحقيقية لا تحتاج من يدافع عنها، بل من يعيشها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى