حروف مبعثرة .. !!
العشق أنواع
مميت ..
هيام ..
مسلي ..
طارد للهموم ..
هكذا سمعت بعض ( البحارة ) من خبراء الغوص وسط بحور العشق يقولون هذه المسميات ، قد تكون خبراتهم الواسعة اسعفتهم بهذه المسميات والأوصاف نتيجة تجارب مروا بها .
لذلك أتيت لحظرة جنابك ( نطقها صاحبي وقد اعتدل في جلسته أمامي ) وتابع حديثه ، اسألك تبصيري ما هو الاختلاف بينها وهل بقي منها شيء لم اسمعه او اعلم منه ..
استقبلته مسرورا وقد ادار بوصلة الحديث لهذا المنحى ( الموجع ) لكثير من سمار الليالي ولم يعلم قدس الله سره أن مثلي من جيل ( الجدري ) والجراد .. و ( السروح – الرعي بالمواشي ) لم يكونوا مخيرين بل مسيرين برغبات الوالدين رد وفاء وجميل لهم وقد سهروا الليالي والأيام ..
ناهيك عن وثائق اجتماعية وروابط اسرية تنحني لها الرؤوس تطبيقا تلتزم بتنفيذها اغلب الشرائح والاعراق بالإقتران بمن يرون فيه أو فيها الصلاح والنفع والعون على شظف العيش وضيق الموارد وقتها ..
وقد تكون من حسنات الوشائج الأسرية .. لكن لما لها من فوائد فلها بعض المضار إن اقبل عليها تيار الهواء الجاف لا قدر الله .. ليصبح السير تحت هجير المعاناة مدميا موجعا فلا مناص من الفراق ..او الصبر وإحتساب الأجر من الله وبخاصة إذا كان الفراق سببا لضياع وتوهان أسرة بكاملها .. فقد يكون العوض الحسن من الله خير جائزة واوفى وأتم …
والحديث ذو صلة فقد فاتني ومن هم في سني قطار العشق والهيام بأنواعه واشكاله وصنوفه وإن كنت اسمع بل متيقن ( أن مثل هذه المشاعر المثيرة للعواطف ) لا تعترف بعمر معين ولا موقف أو جنس عن جنس .. لكنها تفاوت اذواق بين شخص واخر ..
وأعلم أن لدى البعض خلجات تشبه البراكين الخامدة تثور بفعل مواقف وردات فعل وسلوكيات تستل في عمرها الزمني من حياتنا اليومية ( وقتا وجيزا ) لتترك تأثيرا يتردد ذكراها وبواعثها بين وقت وما قبله او بعده من زمن ..
حاولت جاهدا أن يعفيني الإفتاء لقلة خبرتي ومحصولي .. لكنه اصر على اقحامي في بحور الفتاوي المحيطة بكنه سؤاله فقط لا غير . بل اشترط أن أكون واضحا وضوح فهم الفطيم لثدي أمه أنه القطعة التي يحن اليها حنين العاطش للماء البارد والشمس متواضعة في كبد السماء ..
فأجبت بالقول : الحب هو الميل القلبي التعلق بشخص ما .
الحب: تجربة إنسانية معقدة .،
هو أخطر وأهم حدث يمر في حياة الإنسان لأنه يمس صميم شخصيته وجوهره ووجوده ، فيجعله يشعر وكأنه وُلد من جديد .
الحب: هو الذي ينقل الإنسان إلى تلك الواحات التي يرى فيها فساحة الكون بما رحب ، واحات الطهارة والنظارة والشعر والموسيقى والتأمل والتخيل وعبقرية التصوير الفكري لكي يستمتع بعذوبة ذكرياتها الجميلة التائهة وسط بيداء السلوك اليومي الروتيني الفظيع الذي اصبح يعلو هذه الأيام شيئا فشيئا حتى شكل أمام البعض هالات ضبابيه دخلوا إليها بقلة خبرة او تواضع معرفة فلم يبصروا ما حولهم من جماليات الحياة غير معنى ( الحب ) ..
فوجدوا في تلك الأصناف المذكورة جنات من الجمال والبراءة والصفاء عسى أن يخرجوا بالقليل المرضي من كل ذلك العبث والتعب النفسي والفكري وسط صحراء الكذب والتصنع والكبرياء .
الحب: كالبحر حين تكون على شاطئه يقذفك بأمواجه بكرم فائق يستدرجك بلونه وصفائه وروعته لكن حين تلقي بنفسك بين أحضانه تبحث عن درره يغدر بك تبتلعك أعماقه بشراسة موجعة ، ثم يقذف بك وأنت فاقد لإحساسك . مسجى على شاطئ النسيان يمر المتنزهون من امامك فيهم من يرأف بحالك والآخر لا تعنيه في شيء ..
في حين أن العشق هو حالة عاطفية أعمق وأقوى ، يتسم بشعور الانجذاب الشديد والرغبة المستمرة. كلاهما يتميز بعلامات وأنواع مختلفة وفق ظروف مختلفة .. وقد يكون العشق يمثل مرحلة متقدمة من الحب تنامت بين طرفين حبا ثم ودا ثم رغبة تملك الى أن وصلت لدرجة ( العشق ) لتصل بعد ذلك الى مرحلة الهيام .. وهو المرض الذي لا يبرى ما دام القرب بين طرفيه ( دونه خرط القتاد ) كبناء شامخ التطاول في مساحات الفضاء لن تبلغ اعلاه إن فكرت صعودا راجلا إلا وقد قذفت انفاسك في احدى زواياه وحيدا لتلقى نفس المصير بل وانكى وابكى وأوجع إن فكرت الهبوط مرة واحدة محاولا النجاة بجسدك الهزيل اصلا من آثار وطول المعاناة ..
أما التسلية فهذه لم اجد لها تفسيرا سوى انها حالات فردية مزاجية وقتية لا روح فيها ولا اصل لها في مساحات العاشقين الواسعة المخيفة المؤلمة المبكية وقل ما تريد حولها وصفا وتعليقا فلكل شخص في الحياة تجربته وردات فعلها ومؤثراتها .. وعليها يبني ظنه ورؤاه .. الدليل فحول الشعر من الشعراء في ازمنة متعاقبة متفاوته الى عصرنا الحاضر كان العشق والحب والهيام والغرام مادة خصبة لآفكارهم وروائهم نثروا قصائد مبكية موجعة اودت بالبعض الى نهايات مؤسفه . والله المستعان .. استشهد لك هنا ببعض الأبيات التي صاغها احد الضحايا :-
لِيْ مِنْ هَوَاكَ بَعيدُهُ وَقَريبُهُ
ولَكَ الجَمالُ بَديعُهُ وَغَرِيبُهُ
يا مَنْ أُعِيذُ جَمالَهُ بِجلاَلِهِ
حَذَراً عَلَيْهِ مِنَ العُيونِ تُصِيبُهُ
إِنْ لَمْ تَكُنْ عَيْني فَإِنَّكَ نُورُهَا
أَوْ لَمْ تَكُنْ قَلْبي فأَنْتَ حَبيبُهُ
إلى أن قال :-
كَمْ لَيْلَةٍ قَضَّيْتُها مُتَسَهِّداً
وَالدَّمْعُ يَجْرَحُ مُقْلَتي مَسْكُوبُهُ
وَالنَّجْمُ أَقْرَبُ مِنْ لِقَاكَ مَنَالُهُ
عِنْدِي وَأَبْعَدُ مِنْ رِضَاكَ مَغِيبُهُ
وَالجَوُّ قَدْ رَقَّت عَليَّ عُيونُهُ
وَجُفونُهُ وَشِمالُهُ وَجنوبُهُ
هِيَ مُقْلةٌ سَهْمُ الفِراقِ يُصِيبُها
وَيَسِحُّ وَابِلُ دَمْعِها فَيصُوبُهُ
وَجَوىً تَضرَّم جَمْرُهُ لَوْلا نَدَىً
قَاضِي القُضاةِ قَضَى عَليَّ لَهِيبُهُ
ثم نصحته صادقا محبا له بالخير أن ينأى بنفسه عن أمور مثل هذه لاتسمن ولا تغني من جوع وان ( كانت الحقيقة المرة ) أننا كبشر لا نستطيع تجاهلها او تناسيها فليس من بيننا منزوع المشاعر والاحاسيس التي اوجدها الله سبحانه في جميع مخلوقاته وليس شرطا أن يكون العشق والحب والهيام بين شخصين لا ثالث لهما .. وأن تكون تصرفاته ركائزها تعاليم ديننا الحنيف خشية الانزلاق في دهاليز مظلمة يكون الحساب عسيرا والقضاء والانصاف عادلا مكلفا والى الله المشتكى ..
فهناك في حياتنا أشياء كثيرة قد تكون هي الطرف الخفي الجاذب لنا في تلك المشاعر التي يجب أن نتعامل معها بحذر وهذا ما يعكس ثقافة الطرفين والتبصر والنظر بعمق لما بعد النظرة الأولى او اللقاء الأول العابر ووضع المعايير التي تلبس الثوب النزيه الأبيض من خلال تطبيق تعاليم الدين الحنيف ومقام وقيمة طرفي محور حديثنا وواقع الحال لأي منا ..
هكذا ارى يا صديقي .. والى هنا فقد اتممت ما أعرف وأوفيت لك الكيل مجيبا .. ارجوا أن يروق لك ماسمعت ..
إستقام صديقي نظر الي بشزر وقال … شكــــــــــــــــرا … مدها ناطقا كما مددت السطر بين ( الـ ك والـ ر .. ) و … ولّا إلى أين تقوده افكاره وما سمع لا أعلم ..
شكرا لوقتكم دمتم بخير …