كتاب الرأي

حروف مبعثرة … !!

عندما تشعر أنك غير قادر على اعطاء العمل التام أيا كان حقه في الوصف تشعر بخيبة أمل كبيرة  تتقزم الحروف أمام ما يبهرك في بعض ما ترى او تقراء أو تسمع .. لحظات عابرة تمر بأي منا نقف امامها حيارى  ..

تلكم اللحظات مبكية لمن يريد انصاف جمال ذلك الذي شده واعجبه ولامس جانب معين عاشه أو موقف عابر مر به .. ثم يجد نفسه غير قادر على وفائه حقه .. وإن هو حاول واصفا او شارحا او مشيدا فإنه يشعر قانعا راضيا أنه لم يقدم ما يرقى لمرتبة الإنصاف ..  

هكذا سألني ( صديقي ) وهو يترجل من مكانة قاصدا مكاني الذي اختليت فيه مع ذاتي رغبة في جمع شتات حروفي المبعثرة هذه وقلمي الكسير ..

فلم اجد له جوابا سوى التبسم في وجهه لأخفف عنه تلك المشاعر العارمة التي صاحبت سؤاله وهو ينتظر الجواب الشافي ولم يعلم سامح الله فضوله ( أن فاقد الشيء لا يعطيه ) تلكم طامة كبرى زادت من حيرته أكثر مما هو فيه ..لكن لزاما عليّ محاولة الإجابة عله يجد في جوابي نوع من الإقناع ..

فأستشهدت بتلك الأبيات التي صاغها جهبذ زمانه الشاعر الكبير الأستاذ – أحمد رامي – في رائعته ( دليلي احتار ) .. وكانت احدى روائع كوكب الشرق السيدة أم كلثوم … خاصة وقد لحنها الناسك الإنطوائي الذي حكم الفن عليه أن لا يستقبل الضيوف في بيته عندما يكون منعزلا ولقب ببتهوفن ( الشرق ) الاستاذ الموسيقار– رياض السنباطي – .. فخرج عملا متكاملا يعجز الواصف أن يصفه .. ولنقف عند هذه الأبيات لترى صدق ما أقول وعما اذا كنت تستطيع الوصف لهذا الجمال الفاره :-

                                         ما بين بعدك وشوقي اليك

                                  وبين قربك وخوفي عليك دليلي احتار ..

                      تغيب عني وليلي يطول وفكري في هواك مشغول

                                أقول امتى انا وانت حنتقابل مع الأيام

                              ولما القرب يجمعنا أفكر في زمان بعدك

                        وأخاف يرجع يفرقنا واقاسي الوجد من بعدك

                وبين بعدك وشوقي اليك . وبين قربك وخوفي عليك

                      ..  دليلي احتار .. الخ ما كتب هذا الشاعر – الذي اُطلقت عليه اوصاف عدة منها أنه شاعر كلاسيكي وأنه شاعر الشباب .. وأنه اقرب لشعراء المدارس الرومانسية التي لم تكن قد تأسست في عصره  وبدية ظهوره ..  

        أمثال تلك الأعمال يكذب على نفسه من يقلل من عمرها الزمني او رصانة ما تحمله من عمر باق توارثته الأجيال السابقة و تعيشه الأجيال القادمة .. لكن لا يقدر قيمة النفيس سوى ( قلة ) ممن يعلمون مدركين مقدار ما بذل من جهد وتدريب لتخرج تلك الأعمال الخالدة بهذا الإعجاز الذي تتيه معه العقول كيف سمى لهذا المستوى الراقي الذي خرج عن دائرة الكمال لما هو أكمل ..

        وهناك الكثير والكثير يا صديقي من روائع الأعمال التي اتقنها اصحابها فباتت كنوز خالده في مكتبات الذكريات لن يمحوها الزمن وإنما يزيدها القا وتوهجا إن هي وقعت تحت يد من يقدر قيمتها

        حاولت التخفيف من حيرته بالقول يكفي أنك ضمن قائمة طويلة استحسنت ما رأيت في نفسك وقدرتك عن وصفه عاجزا وايفائه حقه وكم هي اللحظات ( حبلى ) بأعمال مبهرة جميلة تجعل العاشق كسير القلم والحروف في وصفها مهما حاول .. خاصة وأنت تعلم أن ندرة الصنعة من ندرة الصانع مع كل هذا لا نملك إلا أن نقول ( الصمت في حرم الجمال جمال ) ..

        ودعني ولا أعلم شعوره ومدى قناعته بما قلته وسمعته أذناه .. وفعلا دليلي احتار وحيرني معاه .. والى لقاء .. دمتم بخير ..

رزقان بن حمود العبدلي

صحفي متفرغ لمدة خمس سنوات .. مدير مكتب صحيفة المدينة بأبها بين عام ١٤٠٢ الى ١٤٠٨ مدير مكتب صحيفة المدينة بجازان عشرة اعوام .. مشارك بكتابات في بعض الصحف الورقيه وحديثا الالكترونية .. عضو شبكة الالمعي .. نائب رئيس مجلس ادارة صحيفة غرب الإلكترونية لمدة 7 سنوات مؤسس مشارك وعضو مجلس ادارة صحيفة وقع الحدث الالكترونبية

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى