انا والعصاء السحرية
لست متأكداً كم كنت أبلغ من العمر حينها، ولكني شاهدت فيلماً كرتونياً، وكانت إحدى شخصياته تمتلك عصا سحرية، وكانت تلمس أي شيء بتلك العصا، فيتحول ذاك الشيء بقوة السحر الى ما ترغبه هي؛ ولهذا قمت بقطع فرع شجرة مشمش خاصة بوالدى، وطلبت أفضل ما أتمنى.
لقد تمنيت أشياء كثيرة، وكان على رأس تلك الأشياء اللعب والثراء والشهرة، ولكني أتذكر أنه كان من بين أمنياتي أنني قرعت مقدمة رأسي بفرع الشجرة وقلت: “أتمنّى لولم أكن هادئاً لهذه الدرجة ، لم أكن خجولا لهذه الدرجة، ولكنني كنت أشعر أن كل من حولي ينخرطون في المحادثات بسهولة، وكنت أحلل المحادثات التي يقوم بها أصدقائي في فترات الاستراحة، وأفكر: لماذا يسير الأمر معهم بهذه السهولة؟ وعندما أرغب بالمشاركة، دائماً ما كنت أقلق حيال الطريقة التي سيتقبلونني بها، وكان خوفي الأكبر من أن أقول شيئا غبيا ويسخرون منى بسببه.
وعندما انتقلت إلى المرحلة الثانوية، تعلمت القليل من المهرات الاجتماعية، ولكنني كنت لا أزال أرى العملية غير طبيعية، وفي أحد أيام عامي الأول، انتهى بي المطاف في طابور الكافيتيريا إلى الوقوف خلف “محمد “، وكان محمد شخصية معروفة وفي عامه الأخير بالمدرسة؛ فقد كان لاعب الهجوم لفريق كرة القدم، وكنت أعرفه من خلال سمعته، وبالتأكيد لم أحاول التحدث إليه، ولكنه استدار وقال لى: “مرحبا، كيف حالك؟ وأتذكر أنني كنت مذهولاً لدرجة أنني لم أستطع الرد عليه، وبعد مرور بضع ثوان غير مريحة قال لى: “إذن هل أنت خجول أم ماذا؟”، وأتذكرأنني حاولت أن أستجمع بضع كلمات لأجيبه، ولكني أخذت ألوم نفسي لأيام، لإخفاقي في التواصل.
ولم تعجبني الحالة التي كنت عليها، واعتقدت أنّ هذا غير عادل، وأنني الشخص الوحيد الذي يشعر بتلك الأحاسيس، وكنت أريد أن أتغيّر، وأن أصبح شخصية انبساطية، وأن أجد العصا السحرية التي تستطيع تغييري.
وبعد عدة سنوات وجدتها، ولكنها بدت مختلفة تماماً عمّا توقعته، وهناك ماقولة لـ بوريس جونسون يقول “عندما نكون وسط مجموعة من الأشخاص فمعظمنا يميل لأن ينجذب إلى الأشخاص الذين يشبهونه، ونشعر براحة أكثر عندما نكون مع هؤلاء الأشخاص، لأننا نستطيع أن نجد أشياء مشتركة بيننا وبينهم في وقت أسرع. وعندما نكون مع أشخاص مختلفين عنا تماماً، فإن الأمر يستغرق منا وقتا طويلا حتى نجد بعض أوجه الشبه، أو هكذا نعتقد، ستكون الحياة مملة جداً لوكنا جميعاً متشابهين.