حروف مبعثرة ..!!
يسألني صاحبي ..متى و كيف تتكلم الذاكرة وأين ..
وهل عندما تتكلم تحمل اشياء محددة .. وماهي البواعث لآن تتكلم ..
لا أخفيكم أن ( صاحبي ) تنتابه في بعض الأزمنه اللحظية حالات من الهوس الفكري لا أعلم تفسيرا لها بل أقف حائرا أمام اسئلته التي عندما تسمعها لأول مرة تستغرب كيف توصل لطرحها واجتمعت في فكره بتلك الصورة التي سمعتها منه ..
أجبته تختلف الذاكرة من شخص لغيره .. وحتى بواعث كلامها على حسب قولك فيها من الإختلاف الشيء الكثير .. أما أين ومتى فقد لا أحيط بهذا علما ولا معرفة ..
رد بضحكة ساخرة .. هل تمازحني .. اسألك وأريد الجواب المقنع وليس التنظير السريع .. واضاف عندما يمر شذى عطر قديم عليك تشتم ريحه ينقلك سريعا الى ذكريات مررت بها .. هنا تتكلم الذاكرة تحاكيك بالقول قف هنا الا تذكر هذه الرائحة متى شممتها وماهي الظروف التي كانت وقتها …. هل تذكرني ..
وحتى تتضح الصورة لديك أيها ( المتفيهم ) ليست الصور وحدها من تجعل الذاكرة تتكلم مع العقل فبعض الذكريات تسكن في رائحة عطر .. شكل قميص .. نسمة غروب .. نصف قمر أطل من نافذة مشطورة .. ركن قصي في إحدى الحدائق الغناء .. شرفة مكان مطل .. شاطيئ جميل تتراقص امواجه .. جلسة على ضفاف احد الانهار .. كثيرة هي البواعث والصور التي تجعل الذاكرة تتكلم ..
واسترسل صاحبي في الوصف ( لحقيقة وكنه سؤاله ) بالقول .. ربما تشتم شيئا عابرا أو يمر عليك موقف معين تقف مشدوها محملقا تقرأ ما تتكلم به ذاكرتك وهي تحدث عقلك اين ومتى ولماذا ..تطل معها في وقت لحظي على شرفة الماضي لترى الكل والكليل مما جعلك تصل لهذه الحالة الفكرية عائدا بذاكرتك للوراء .. تكتشف أيها الجهبذ بفعل ما مر عليك أن ملف الماضي الجميل لم تحكم اغلاقه .. ربما كانت لك محاولات سابقة لكنها محاولات واهنه استعصت عليك وقتها إلى حين كلام الذاكرة معك في تلك اللحظة .. فتعود رغم انفك لفتح ذلك السجل الذي ترى فيه كل ما مر مشرعا بأحداثه وصوره وجمالياته او تعاسته أيا كان ..
يجب أن تعلم يا صديقي أن الأرواح لا تنسى والذاكرة الجيدة التي عانت وتعبت واختزلت كذلك لا تنسى ما قد صادفها من مؤثرات .. دائما نحن نحاول التظاهر حتى لا ننهار أمام بعض الأحداث معتقدين بل جازمين ان ملفات الذكريات القديمة قد اغلقناها الى غير رجعة .. لكن الحق اقوى من كل تظاهراتنا ومحاولاتنا في طمس بعض الجماليات التي عشناها وتركت اثرا في نفوسنا احتفظت بها ذواكرنا عنوة وجاء وقت الإقتصاص بأن تأثرنا بما جعل الذاكرة تتكلم ..
مع كل رائحة حنين لملفات الماضي الموجعة .. فبعض الروائح والصور لا تنعش الذاكرة بل توجعها الما وجوى وتخبرنا بأن الوقت مهما تباعد لا يشفي كل شيئ ولا الأيام تمحوها .. فثمة أنفاس تختزن بعض الأوجاع تنتظر بعض من نسمات الهواء العليل مصحوبا بزخم الماضي البعيد علها تفيق من سكرتها .. لكن كل الألم في إيقاظ تلك الذكريات التي جعلتها تتكلم مع العقل لترى ردة الفعل من المتأثر كيف تكون ..
وعندما رآني سارحا صاحبي ( رق لحالي ) ثم قال لا تذهب بعيدا .. فهل عندما تزور او تمر على احد بيوت من واراهم التراب وكانوا لنا اهلا واحبة من امهات وجدات وعمات وخالات واباء وقل ما شئت من صلة القربى الا تتذكر تلك الأيام الخوالي التي عشتها معهم .. رائحة مجالسهم .. عطرهم .. نوعية طعامهم .. انسهم سلوات خواطرهم ممازحتهم ضحكاتهم .. وقس على ذلك من تلك الصور الجميلة العابرة في حياة كل منها ..
ثم استقام من مقعده … وقال هــااااه هل لا زلت غائبا عن المعرفة كيف ومتى واين تتكلم الذاكرة ..
نظرت اليه بشرود ثم اجبت قد يكون ..
تركني وراء ظهره وقال ابق كما أنت واجما لاحراك .. وتوارى عن نظري ..
منكم أنتم انتظر تقييم ما سهى علي فهمه .. دمتم في حفظ الباري …