بقلم / أ- صفية اليحى
في قوله تعالى في سورة يوسف: “يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ”، تحفر هذه العبارة في أعماق النفس نداءً صامتًا يدعونا للتفكر والتأمل. فالعجاف ليست مجرد صفة تميز الأرض، بل مرآة تعكس واقعًا في حياتنا وعلاقاتنا، حيث تبدو الأمور ظاهريًا مزدهرة ولكن في داخلها قحط وانعدام التقدير.
عندما يغمر القلب الطيب بالعطاء، يظن أن خيره كندى يسقي الزهور، لكنه قد يكتشف أنه يروي أرضًا جرداء لا تعرف الامتنان. وكما تحتاج الأرض إلى المطر كي تزدهر، تحتاج القلوب إلى الوفاء كي تحافظ على دفء مشاعرها وحيويتها، وإلا ذبلت وانطفأت شموع المودة فيها.
الدرس العميق الذي يستنير به القلب هنا كضوء ينير ظلمة الغربة العاطفية؛ إذ غياب التقدير يثقل الأرواح ويطفئ نار الحب ببطء. فبعض العلاقات مهما بذلنا فيها من جهد تصبح كرياح حارقة تنهكنا دون عطاء متبادل. والقلب الطيب الذي يفيض بالعطاء يستحق أن يحيط به الوفاء كما تحيط الغيوم بالمطر، لا أن يترك في صحراء القسوة والجفاء.
فلنكن يقظين لمن حولنا، نزرع الخير حيث يلقى تقديرًا، ونحمي قلوبنا من العجاف القاحل، لأن الوفاء هو نبض العطاء الذي يجعل المودة تزدهر وتنبض بالحياة.