ألا ليت الزمان يعود يوماً
ناصرمضحي الحربي
كم مرة همسنا في لحظة حنين: “ألا ليت الزمان يعود يوماً”؟
ليست مجرد كلمات عابرة، بل أنين قلب يفتش عن ومضة فرح في زمن مضى، عن وجوه غابت، وأصوات سكنت الذاكرة، وذكريات لا تزال حاضرة بكل تفاصيلها رغم غبار السنين.
الزمن لا يعود، ولا يعيد لنا من أحببناهم، لكنه يترك فينا آثارهم. يجعلنا نحملهم في نظراتنا، في ردود أفعالنا، في ضحكاتنا التي تشبه ضحكاتهم، وفي حزننا الذي يحمل وجع الغياب.
قد نضحك اليوم، ولكن خلف كل ضحكة ظلّ لحنين. وقد نعيش، ولكن شيئًا في داخلنا توقف هناك، في ذاك الزمان الذي لا يُعاد.
يقولون إن الزمن كفيل بكل شيء، لكن الحقيقة أنه لا يشفي، بل يُعلمنا التعايش. يُعلمنا كيف نبتسم ونحن مكسورون، كيف نقف ونحن ننهار من الداخل، كيف نُكمل دون من كانوا سبب اكتمالنا.
ليس كل ماضٍ جميل، ولكن في تفاصيله ما يشدّ القلب إليه. قد نتمنى أن نعود لنُصلح، لنعتذر، لنُحب أكثر، أو حتى لنودّع كما يليق بمن يستحقون الوداع.
ولكننا لا نملك إلا الحنين، والذكريات، والدعاء لمن رحلوا، والوفاء لمن بقوا.
“ألا ليت الزمان يعود يوماً”، ليست ضعفًا، بل صدق، وصدق المشاعر لا يُخجل منه. هي صرخة قلب أراد لحظة من الماضي في زمن يزداد قسوة وبرودة.
ولعل أجمل ما في الحنين، أنه دليل أننا عشنا، وأحببنا، ومررنا بأوقات تستحق أن نشتاق لها…
وأننا ما زلنا نملك قلوبًا تعرف الوفاء، وإن كانت موجوعة.
فليعد الزمن أو لا يعد، ستظل الذكريات وطنًا نعود إليه كلما ضاق بنا الحاضر.