حروف مبعثرة …
يبقى الشعر هو ( السلطان ) وحامل عرش الكلمة العصية التي تصل لأذن المتلقي ..
الشعر ، رسول قوي كطلقة البندقية في اصابة الهدف والوصف وركز المعنى الأكيد …
بشرط أن يحمل صبغة وثوب الشعر في قوته ورمزيته بقوافيه وعروضه ..
في المقابل لابد أن يكون المتلقي على قدر جيد من ( التذوق ) لفهم ما يقرأ وما يسمع ..
وأن تكون لديه بعض من هذه الملكات التي تعينه على أن يميز بين الجيّد والأجود وما بينهما ……
روائع الشعر تثبت ذلك وافواه الشعراء على مختلف مشاربهم ورغباتهم بحجم ثقافاتهم وقاماتهم تؤكد أن الشعر هو ( السلطان المتسلط والآمر الناهي ) بلا منازع ..
هذا ما سمعته الليلة من صاحبي الذي إنبرى وخرج وصال وجال وقد يكون التف احد زوايا الدماغ لديه فصنف نفسه مقيمّا ولنقل متذوقا ناقدا لبعض الاشعار التي قرأها أو سمعها وما ظني في فهمه للشعر إلا كما فهم جدتي في علم غزو الفضاء ..
مع ايماني وقناعاتي أن الله سبحانه قد يضع سره في أضعف خلقه ..
لذلك مددت له في فضوله مدا حتى أستزيد من اطروحاته التي لم يجد لها مستمعا سواي عسى أن يبين ما قد خفى وغاب عن مثلي المشغول بما هو اكبر واهم من اكتشاف هذا الجهبذ الفلتة من بين اقرانه فسألته ..
ما دليلك ؟؟ ..
حملق بعينه واجحضهما بزيادة امامي حتى خشيت أن تبرزا من وجهه لتسقطا بين يدي ونحن متقابلين ثم قال
الم تسمع او تقرأ قول الشاعر عبد الخالق الحفظي ..
على وقْعِ الحَيَا تحيا القوافي
كأنّ المُزْنَ يُمطرُها حنينا
وتصحو صبْوَةٌ وتهيجُ ذكرى
كأنّا في هواهم ما انتهينا
وإن اسعفك وقتك المصروف هدرا أن تقرأ بعض من قصائد الشاعر يحيى توفيق حسن الذي اخترت لك من ديوانه احد قصائدة على عجل يقول فيها :-
أيها الساري .. إلى أين المسير ؟
لست تدري البدء .. هل تدري المصير ؟
كلُّنا يخطو إلى الموت فما
يدعُ الموتُ .. صغيراً أو كبير
ربَّ لاهٍ قد دَنَا من حتفِهِ
كيف يلهُو منْ إلى الموتِ يسير
إنما تلهُو بِنا آمالُنا
ثَّم يطويها ويطوينا الحفير
واصل حديثه بالقول ( أعد ) قرائة هذين النصين رغم قلة ابياتهما فقد ( حملّها الشاعرين ) رمزيات ودلالات قوية تثبت العمق في اصابة الكلمة للهدف بوضوح تام لا غبار عليه ، وفي ذات الوقت علو قيمة الكلمات لفظا ومعنى وقيمتها تذوقا شعريا لا يقبل الجدل ..
خاصة إذا علمنا أن مثل هذا التميز لا يأتي من فراغ انما نتيجة عراك ومساجلة واطرحات في مساحات الشعر عرضا وطولا حتى ثبت العطاء لمثل هذين الشاعرين بقوة النتاج المتميز ..
فيما لاحظت أن صاحبي لمس مني عدم الاهتمام المشجع لأن يواصل حديثه معي عن سلطنة الشعر وقوته ورمزيته فقام ناهضا من مجلسي دون توديع ..
تركني ارقب بنظرات الاستغراب خطوات خروجه دون تعقيب لامني ولا منه لكني أردت مشاركتكم هذا التحاور بيننا دون نهاية .. لكم الرأي قبوله او رفضه .. دمتم جميعا بخير ..