حروف مبعثرة …!!
جاء صاحبي كأن على وجهه الف علامة تحتاج الى الف سؤال ومثليهما معا الف جواب
فيها ما قد يصيب وما يخطئ وما قد يتبع الظن ..
كنت احسبه يعنيني وهو يقول بعد أن اخذ مجلسه امامي ..
بيني وبينك مسافات بعيدة وبحور ..
لم يبق لك عندي سوى ذكريات ذبلت مع أوراق الخريف …
بيني وبينك أصول مودة وتقدير وعرى كانت وثيقة من المحبة والعشق المتبادل ..
توارت مع الأيام مثل تواري قرص الشمس خلف أمواج البحر وقت الغروب ..
بيني وبينك ذكريات مفرحة واخرى مؤلمة ..
وغيرها بين الفرح والجد والهزل والنسيان ..
هي في مجمل قولبتها مشاعر مختلطة….
ماتت كما تموت فقاعات امواج البحر المتلاطمة ساعات المد والجزر الى الشاطئ ومنه .
بيني وبينك وقفات لأفئدة عاشت وقتا من الزمن تظن انها لن تفترق ..
لكن القرار الفيصل هو الاسلم لها أن لا تدوم ..
بيني وبينك زوايا جمعتنا واركان ضمتنا كان فيها حديثنا هواء نسيم بارد في ليلة شتاء معتدلة يلامس اذاننا برفق ..حتى لاتفقد مع الضجيج ساعة السلوى ..
كنا نظن وقتها ان تلك الآذان لو سمعت في لحظة من اللحظات غير ذلك الحديث لأصيبت بالصمم ..
بيني وبينك رموز مغلّفه لا يعرف لها مفتاحا او جوابا سوى قلبينا وافئدتنا سواء ..
بيني وبينك ذكريات خالدة
لكنها شاخت مع تقادم الأيام
أما ذكرياتها فهي لاتزال تولد كلما لاحت بوارقها و ذكرياتها في سماء قلبينا ..
هنا .. أمام هذرفته استوقفته متسائلا ( تقصدني ؟؟؟ )
هل تعنيني ؟؟ بهذا الكلام وما هو السبب والدافع لكل هذا التشاؤم واللوم .. والتهديد …
اذا لماذا أنت عندي ؟؟؟..
لم يجيبني البته .. إنما استمر على هيئته ووضعه وأكمل .. يقول …..
بيني وبينك مضامين قوتها اعتى من رواسي الجبال ..
أوهنتها مؤثرات كانت كاشفة لما حاولت أنت من جانبك أن تخفيه ليبقى الود عامرا ..
فرأيت ( أنا ) واشار على صدره .. النصف الآخر من المرآة المشطورة وقد اصبح كالرماد المنثور ..
وقتها قررت ان النصف الباقي من تلك المرآه لن يسع وجهينا معا ..
هوت كل تلك المضامين كما يهوي النسر بفريسته بعد أن تجاوز بحملها اعالي الجبال الشاهقة ليقذف بها دون رحمة لتموت قتيلة الغيلة المفجعة المؤلمة القاسية ..
ثم ينقض عليها ملتهما ما أبقته الصخور الحادة وتجاويف الاخاديد الموحشة في تلك القفار ..
من تلك الضحية المغدور بها ..
ثم تنمهد واكمل …
الله ما أقسى الانتقام .. أو قل حب الذات .. او قل الجوع الذي لايخضع لآي قوانين من قوانين المنع ..
ومثله قوانين الوله والشوق ولواعج الحرمان .. وعندما رآني مشدوها امام كلماته ختم بالقول .. تخيل ماتشاء ..
العجيب في وصف صاحبي انه تقمص شخصية لم أعلم لها وصفا بفعل تلونها وتبدلها في كل حرف ينطقه وكأنه في مشهد تمثيلي تراجيدي يحتاج خبير نقد في عالم المسرح ..
في اثناء هذيانه بما كتبت وقف ثم قال ..
كلمات الشاعر المخضرم عبدالله خليل فقيري عندما قال في قصيدته المطولة .. ماذا جنيت لكي تمل وصالي ابلغ وصف لما أعانيه .. أستمحيكم عذرا في ايرادها بعض ابياتها دون تحريف ..
يا صاحبًا سكن الملالُ فؤادهُ
أسمعت مني سيّء الأقوالِ!..
لتميل عنّي ثم تكره رؤيتي
ويكون حلمكَ أن ترى إذلالي
أنا ما طلبتك أن تعود لصُحبتي
بعد القطيعةِ أو ترِقّ لحالي
فأنا بغيركَ كاملٌ متكمّلٌ
وكذاك أنتَ على أتمّ كمالِ
لا أنتَ لي نقصٌ ولا أنا سالبٌ
منكَ الكمالَ فعِش عزيزًا غالي
واقطع وصالك ما استطعتَ وعِش
على هجري فإني لا أراكَ تُبالي..
هي قصةٌ بدأت بحُبٍ صادقٍ
وتنوعت يومًا بكل جمالِ
فقضت ظروفُ الدهر أن تمضي بها
وبنا لأسوءِ منتهى ومآلي
أنا لن أجادلك الوفاء فما مضى
قد يُستحالُ رجوعه بجدالِ
لو أن فيك من الوفاءِ بقيّةً
لذكرتَ أيامًا مضت وليالي
ووهبتني أسمى خِصالك مثلما
أنا قد وهبتُك من جميلِ خصالي..
كم قلتُ إنك خيرُ من عاشرتُهم
فأتيتَ أنت مخيبًا آمالي.
عرفت بعد هذا أن صاحبي اعانه الله يعيش في واد غير ذي زرع ..
بعيد عن ما كنت اعتقده وتوقعت ان الحديث حوله ..
فكان تدخلي واجبا عسى أن استطيع أن اوقف هذه الحالة الهستيرية لديه ..
فما كان مني إلا أن امسكت بتلابيب ثوبه .. قلت له هناك زاوية من زاويا البيت مظلمة إذهب اليها اخلد بهمومك فيها واسكب ما طاب لك من العبارات والآهات والتنهدات
وعندما تفيق إن وجدتني هنا فأهلا بك في حديث ذي فائدة ..
أما معاناتك فهي لا تعنيني البته ..
ودعته وله داعيا وهو في مكان لقيانا واقفا .. عسى ان يكون بخير ويعود الى سيرته الأولى ..
.. دمتم بخير والى لقاء قريب ..