مأساة الطفيلة: الشاب هيثم الحويطات.. قصة تضحية تهزّ وجدان الأردنيين
وقع الحدث – ناصرمضحي الحربي
في حادثة مأساوية لا تزال تدمي القلوب وتهز وجدان المجتمع الأردني، فُقد الشاب هيثم ناجح المصبحيين الحويطات إثر جرفه بواسطة السيول العارمة التي اجتاحت منطقة الحسا بمحافظة الطفيلة، جنوب الأردن، أثناء محاولته البطولية إنقاذ ناقة حاصرتها المياه في مجرى السيل.
الواقعة المؤلمة التي حدثت قبل أكثر من أسبوعين، كشفت عن أسمى معاني الشجاعة والإنسانية حين بادر هيثم – بكل ما يحمله من روح النخوة والفزعة البدوية – إلى التدخل لإنقاذ الحيوان العالق، غير آبه بقوة السيل المتدفقة، لينتهي المشهد بصورة مأساوية بفقدانه وغرقه في مياه السيول.
ومنذ لحظة وقوع الحادث، استنفرت فرق الدفاع المدني والأجهزة الأمنية مختلف قدراتها وإمكاناتها في عمليات البحث، التي شملت استخدام غواصين محترفين، وآليات متخصصة، وطائرات دون طيار (درون)، لتوسيع رقعة التمشيط في المنطقة الجبلية الوعرة التي شهدت الحادث. كما جرى الاستعانة بآليات ضخمة من شركة الحفر في شركة البوتاس، في محاولة لرفع العوائق وفتح مجاري المياه التي قد تكون ابتلعت جثمان الفقيد.
ورغم الجهود الجبارة المبذولة من جميع الجهات، إلا أن جثمان هيثم لم يُعثر عليه حتى لحظة إعداد هذا التقرير، ما زاد من معاناة ذويه، وعمّق الحزن في قلوب أهالي المنطقة والمجتمع الأردني بأسره. وقد تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى منصات للدعاء والدعم، حيث تداول الناشطون مقاطع فيديو توثق عمليات البحث، وتغريدات ورسائل مؤثرة تعبّر عن التضامن الكبير مع عائلة الحويطات، في محنتها القاسية.
وفي خضم مشاعر الحزن والحداد، علت أصوات تطالب بضرورة مراجعة وتحديث آليات التعامل مع السيول، ورفع مستوى السلامة العامة، خصوصًا في المناطق النائية والأودية المعرضة للفيضانات الموسمية. كما دعت بعض الجهات إلى إنشاء مراكز إنقاذ سريعة التجاوب في تلك المناطق، لمنع تكرار مثل هذه الحوادث المفجعة.
قصة هيثم الحويطات لم تعد مجرد حادثة غرق، بل تحولت إلى رمز للتضحية والشجاعة، ورسالة صامتة عن معاني الفداء التي تتجلى حين يقدم الإنسان حياته في سبيل إنقاذ حياة أخرى، ولو كانت لحيوان لا ينطق. لقد ارتقى هيثم شهيدًا للإنسانية، وخُلد في ذاكرة الأردنيين كأيقونة بطولية تعكس عراقة القيم الأصيلة التي تربى عليها أبناء هذا الوطن.
رحم الله هيثم، وألهم أهله الصبر والسلوان، وجعل تضحيته النبيلة منارًا للأجيال القادمة.