في حضن التاريخ وعبق الطبيعة: مسار “هايكنج” ينبض بالحياة في جبل ساق
بقلم/ناصرمضحي الحربي
حين تلتقي الأرض بروح الإنسان، وتُستنهض الجبال لتروي حكايات الزمن، يولد مشروع لا يشبه سواه. هناك، في قلب محافظة البكيرية، حيث يحتضن جبل “ساق” ملامح التاريخ وسكون الطبيعة، تتجلى مبادرة رائدة تهدف إلى بعث الحياة في دروبٍ طالما شهدت على مرور الزمن. لجنة أهالي البكيرية، وبهمة لا تعرف السكون، تُشيد مسار “هايكنج” معتمد، يلفُّ الجبل كما تلف القصائد أبياتها، ويمنح الزائرين فرصة للمشي بين سطور الحكاية.
مدعومة من جمعية “درب” التي أخذت على عاتقها إحياء ثقافة المشي البيئي والتجوال المستدام، تمضي هذه المبادرة في خطواتها الأولى، لتصنع من الجبل مزاراً نابضاً بالتجربة، آمناً ومهيأً لكل عاشقٍ للطبيعة ومؤمنٍ بجمالياتها. لا تسعى المبادرة إلى تشييد طريقٍ فحسب، بل إلى بناء تجربة؛ مسارات مدروسة، نقاط استراحة تتناغم مع تضاريس الجبل، وكل تفصيلة فيها تنطق باحترام البيئة، وبتقديرٍ لتاريخ المكان.
جبل “ساق”، بما يحمله من إطلالات بانورامية ساحرة وتكوين جيولوجي فريد، لا يُعد مجرد معلم طبيعي، بل أيقونة تختصر في ملامحها عبق التراث وسحر المشهد. من قممه، يمكن للمتنزه أن يعانق السماء، وللمتأمل أن يغوص في لحظةٍ تتوقف فيها عقارب الوقت.
إن هذا المشروع ليس فقط مساراً يمشي عليه الزوار، بل هو خطوة على طريق رؤية المملكة 2030، حيث تتعانق جودة الحياة مع روح الرياضة، وتلتقي السياحة البيئية بطموحات وطنٍ يكتب مستقبله بمداد الحلم والعمل. وما جبل “ساق” اليوم، إلا شاهد حي على أن الأرض، حين تُروى بالنية الصافية، تزهر بالفرص والجمال.
هكذا، تمضي البكيرية في رحلتها، ويعلو صوت الجبل بنداء الحياة، داعياً كل محبٍ للمغامرة والسكينة، إلى السير بين صخوره، والإنصات لصدى الطبيعة وهي تروي، بهدوء، أجمل القصص