الفنانة سارة صالح: من أنغام الطفولة إلى أحلام العالمية… موسيقى تحكي قصة كل لحظة .

“أنا فتاة تبحث عن الجمال في كل تفاصيل الحياة الصغيرة، وأجد في الموسيقى لغة صامتة تحمل ما تعجز الكلمات عن التعبير عنه.”
– أمثل المرأة السعودية بفني، وأحرص أن أكون صوتًا يحترم قيمنا ويحاكي رؤيتنا.”
– “تعلمت الموسيقى ذاتيًا، لكن بمنهج أكاديمي وضع أسسه والدي.”
-“أتمنى أن يقترن اسمي بالثقافة والعلم والأدب والمثابرة، وأن يراني الناس سفيرة للفن السعودي.”
حوار: ناصرمضحي الحربي
بين أنغام العود وحلم الطفولة، تشق الفنانة الشابة سارة صالح طريقها بثبات في عالم الموسيقى، مستندة إلى موهبة مبكرة وصقلٍ فنيٍّ بدأ داخل بيتٍ يعشق النغم. في حديثها لـ” وقع الحدث ”، كشفت سارة عن بداياتها، وتجربتها في التعليم والعزف، وعن والدها الذي كان بوابة عبورها إلى هذا العالم الجميل
في حضورها، تشعر وكأن الموسيقى ليست مجرد أداة أو فن، بل كيان حيّ يحيط بها، يعكس كل لحظة من مشاعرها وأحلامها. سارة صالح ليست مجرد موسيقية، بل روح تتحدث عبر الألحان، وقلب ينبض بالجمال، وعين ترى العالم بعيون موسيقية، حيث كل نغمة لها معنى وكل لحظة موسيقية تحكي قصة.
o- من هي سارة صالح بعيداً عن الأضواء؟
OO- أنا سارة صالح، شغوفة بالاكتشاف والاستكشاف، أحب الغوص في كل ما يثير فضولي. أعمل باستمرار لأكون أفضل نسخة من نفسي، وأسعى لأن أكون قدوة حسنة لمن حولي.
o- متى بدأتِ تشعرين بأن الموسيقى ستكون طريقكِ في الحياة؟
OO- بدأ الأمر بدافع الفضول والرغبة في الاستكشاف، ومع مرور الوقت تحول هذا الفضول إلى شغف عميق بالموسيقى، حتى أصبحت من أكبر أهدافي في الحياة.
o- حدثينا عن أول آلة موسيقية عزفتِ عليها، وكيف كانت التجربة الأولى؟
OO- في البداية تعلمت الموسيقى سمعيًا وبصريًا، إلى أن بدأت أتعرف على المصطلحات الموسيقية والمقامات. كانت تجربتي الأولى في سن الحادية عشرة أثناء قراءة نوتة “أنا في انتظارك” لأم كلثوم (كلمات: بيرم التونسي، ألحان: زكريا أحمد، مقام: الحجاز). عقب قراءتي للنوتة، عزفتها على البيانو ونجحت من المحاولة الأولى. كانت لحظة لا تُنسى؛ شعرت بسعادة كبيرة لرؤية جهدي يؤتي ثماره.
o- كيف أثّر والدكِ الموسيقار في تشكيل شخصيتكِ الفنية؟
OO- والدي كان في رحلة بحث في تاريخ الموسيقى العربية، ومما تعلمته منه هو أن موسيقانا العربية من أصدق وأجمل الموسيقات في العالم. أثر ذلك عليّ بشكل كبير، وألهمني لاستكشاف هذا الإرث العظيم والحفاظ عليه بالعلم والمعرفة.
o- هل كان دخولكِ إلى عالم الموسيقى خياراً شخصياً أم تأثراً بعائلتكِ الموسيقية؟
OO- كان قراراً شخصيًا إلى حد كبير، رغم أن البيئة المحيطة لها تأثير بالطبع. لكن الاستمرار في الموسيقى مرتبط بالتمارين اليومية والاستماع لكبار الفنانين العرب، وهذا ما أسست عليه مساري.
o- قلتِ إنكِ في العزف منذ 3 سنوات لكنكِ في المجال الموسيقي منذ أكثر من 10 سنوات، كيف تفسرين هذا التدرج؟
OO- بالفعل، بدأت علاقتي بالموسيقى في عمر الثامنة نتيجة اهتمام عائلتي بهذا المجال. كنت أساعد والدي في أبحاثه الموسيقية، ثم قررت أن أخوض التجربة بنفسي. تعلمت قراءة النوتة خلال ثلاث سنوات، ثم قضيت سنوات أخرى أعمق في الفهم والتطبيق. وبعدها بدأت مرحلة العزف العملي على الآلات.
o- ما أبرز الصعوبات التي واجهتكِ في مشواركِ الموسيقي حتى الآن؟
OO- كل مجال فيه تحديات، لكن الإصرار والصبر هما ما يصنعان الفرق. التحديات تتحول لاحقًا إلى ذكريات جميلة لمن يثابر ويطور نفسه.
o- ما الآلة الأقرب إلى قلبكِ ولماذا؟
OO- أحب الآلات الوترية عامة، لكن آلة العود لها مكانة خاصة في قلبي، فهي سيد النغمات الشرقية. تردداتها تصل إلى قلبي قبل أذني.
o- هل درستِ الموسيقى أكاديمياً أم اعتمدتِ على التعلّم الذاتي؟
OO- تعلمت الموسيقى ذاتيًا من خلال خبرة والدي، لكن بأسلوب أكاديمي ومنهجي.
o- كيف كانت تجربتكِ في تعليم الموسيقى للآخرين؟ وما أهم ما تعلمته من طلابك؟
OO- كانت تجربة ممتعة ومثرية. خلال ثمانية أشهر تمكن طلابي من عزف مقطوعات شرقية وفهم أساسيات الموسيقى. أدركت أن التدريس يمثل 10% فقط، بينما 90% تعتمد على اجتهاد الطالب. تعلمت أن الاستمرارية والاجتهاد هما أساس التقدم.
o- كونكِ من القصيم، كيف توازنين بين الفن والموروث الاجتماعي؟
OO- أعتز بانتمائي للقصيم ولكل مناطق المملكة، وأحرص على تمثيل المرأة السعودية بشكل يعكس قيمها وتقاليدها. أعمل على تقديم الفن بأسلوب يحترمه الجميع مع الحفاظ على هويتنا الأصيلة، بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030.
o- هل وجدتِ تشجيعاً من محيطكِ بعد إعلانكِ عن هويتكِ الفنية؟
OO- في البداية لم يكن هناك تشجيع كبير، لكن مع إدراك الجميع لتطوري، تغيرت النظرة وأصبح الدعم حاضرًا.
o- كيف ترين موقع المرأة السعودية في المشهد الموسيقي اليوم؟
OO- اليوم، تلعب المرأة دورًا مهمًا في جميع المجالات، ومن بينها الموسيقى. وزارة الثقافة دعمت التعليم الموسيقي للجميع، وهذا فتح آفاقًا جديدة. وأسعد كثيرًا برؤية عازفات سعوديات يتألقن في هذا المجال.
o- ما الحلم الأكبر الذي تسعين لتحقيقه في عالم الموسيقى؟
OO- كلما حققت هدفًا، أضع لنفسي هدفًا أكبر، لأن مسيرة الفن لا سقف لها.
o- هل تخططين لإطلاق أعمال موسيقية خاصة بكِ مثل التلحين أو الغناء؟
OO- بالطبع، لكن أؤمن أن الفن رسالة، ويجب أن تحمل معنى عميقًا وأساسًا علميًا يعبر عن ثقافتنا ويصل للأجيال القادمة.
o- ما نوع الموسيقى الذي تجدين نفسكِ فيه أكثر؟
OO- أحب جميع المدارس الموسيقية، وأجد نفسي في الموسيقى المتناغمة ذات المعنى، سواء كانت كلاسيكية أو شرقية أو معاصرة.
o- لو لم تكوني موسيقية، ما المجال الذي كنتِ ستتجهين إليه؟
OO- من الصعب تحديد، لكن أيًا كان المجال، سأعمل دائمًا لأكون الأفضل فيه.
o- ما الرسالة التي تودين إيصالها من خلال موسيقاكِ؟
OO- رسالتي أن تعبر الموسيقى عن حضارتنا بأسلوب راقٍ، قائم على أسس علمية وفنية قوية.
o- كيف تصفين علاقتكِ بوالدكِ اليوم؟ وهل تستشيرينه في أعمالك؟
OO- أنا ممتنة وفخورة بوالدي كونه معلمي الأول والداعم الأكبر لي، وكذلك لوالدتي. كما أود شكر وزارة الثقافة وبيت العود خاصة، حيث اكتسبت الكثير من المعرفة على يد الأستاذ إسلام طه.
o- هل هناك أحد آخر من العائلة يسير في الطريق الموسيقي مثلكِ؟
OO- نعم، بالإضافة لوالدي، والدتي بدأت مؤخراً بتعلم آلة القانون وتستمتع بذلك كثيرًا.
o- ما موقف لا يُنسى جمعكِ بوالدك أثناء العزف أو التدريب؟
OO- اللحظات كثيرة وجميلة وتجمع بين المتعة والفائدة، ولا تخلو من المواقف الطريفة أيضًا.
o- كيف تتعاملين مع التعليقات على مواقع التواصل؟
OO- الحمد لله، معظم التعليقات إيجابية وتعكس وعي الجمهور السعودي. أما السلبية، فأغلبها خارج المجال، لذا أتجاهلها.
o- هل تشعرين أن الجمهور السعودي أصبح أكثر تقبلاً للموسيقى والعازفات الشابات؟
OO- بالتأكيد، أصبح هناك وعي أكبر، وكثير من العائلات فيها مَن يعزف أو يهتم بالموسيقى، وهذا يُسعدني ويشجعني.
o- هل واجهتِ مواقف محرجة أو طريفة خلال مشاركاتك؟
OO- نعم، وأتعامل معها بتكيف حسب الموقف. أحب تفاعل الأطفال وكبار السن، وأحد المواقف الطريفة كانت عندما قالت لي امرأة مسنّة بعد أن خاطبتها بلطف: “أنا توّي صغيرة!”، وتأكدت وقتها أن المرأة لا تحب التذكير بعمرها!
o- من الفنانين أو العازفين الذين تتمنين التعاون معهم مستقبلاً؟
OO- يسعدني التعاون مع أي فنان أو ملحن يضيف جمالًا للمشهد الموسيقي السعودي؛ فالجميع يسعى للإبداع.
o- ما الذي يميز أسلوبكِ في العزف عن غيركِ؟
OO- التمارين المستمرة هي أساس تطوير الأسلوب الفني. لكل فنان بصمته. بالنسبة لي:
في الغناء: أتميز بطول النفس.
في العزف: بالدقة في النغمات وإدراك ما أقدمه.
o- ما خطتكِ القادمة في مشواركِ الفني؟
OO- منذ بدايتي وأنا أضع خططًا وأهدافًا واضحة، وتحقق معظمها بفضل الله. وطموحي لا حدود له، وأسعى لتمثيل الموسيقى السعودية والعربية بأفضل صورة.
o- ما النصيحة التي تقدمينها للجيل الجديد من الفتيات السعوديات الراغبات في دخول المجال الموسيقي؟
OO- أنصح الجميع بأن يتجهوا للفنون — مثل الموسيقى، الرسم، القراءة — بدل إضاعة الوقت في ما لا يفيد. أنا على ثقة بوعي وجدية شباب هذا الجيل.
o- وأخيراً، كيف تتمنين أن يذكركِ الجمهور بعد سنوات من الآن؟
OO- أتمنى حين يُذكر اسمي، أن يرتبط بالثقافة، العلم، الأدب، والمثابرة. وأن يرى فيّ الناس سفيرة للفن السعودي.
o- في ختام هذا اللقاء المميز، الفنانة سارة صالح، يسعدنا أن نمنحك مساحة الكلمة لتوجهي رسالتك الأخيرة لقرّاء صحيفة وقع الحدث.
OO- في ختام هذا اللقاء الذي أعتز به كثيرًا، أود أولاً أن أعرب عن بالغ امتناني لصحيفة “وقع الحدث” على هذه الاستضافة الكريمة التي أتاحت لي فرصة التواصل مع جمهور رائع ومتنوع، وأيضًا التعبير عن جزء من رحلتي الفنية وما أحمله من رؤى وطموحات.
رسالتي لكل قارئ عزيز يتابع مسيرتي ويقرأ هذه الكلمات الآن، أن الفن هو تجربة إنسانية عميقة تتجاوز حدود التسلية أو الشهرة؛ هو حالة وجدانية نتشاركها جميعًا، تعكس آمالنا وتطلعاتنا، وتضم أحلامنا وأوجاعنا. لذلك، أؤمن دومًا أن نجاح الفنان لا يُقاس فقط بما يقدمه من أعمال، بل بما يبثه من أمل وإلهام في نفوس الآخرين.
أحب أن أؤكد أن كل خطوة أقدّمها على المسرح أو أمام الكاميرا أو في أي مشروع فني هي موجهة لهذا الجمهور الذي يشكل الدافع الأكبر لمواصلتي وتطويري، وأنني عازمة على الاستمرار في تقديم أعمال تحمل قيمة فنية ورسالة إنسانية، تُسهم في الارتقاء بالذوق العام وتفتح آفاقًا جديدة للتعبير والإبداع.
ختامًا، أشكر كل من يساندني ويدعمني سواء من قريب أو بعيد، وأعدكم بأن أبقى دائمًا عند حسن ظنكم، وأن أظل وفية لما أحببت وأخلصت له، وهو الفن بكل ما يحمله من شغف وصدق وجمال.
دمتم بخير، وشكرًا مرة أخرى لصحيفة “وقع الحدث” على هذه المساحة الرائعة التي لا تُنسى.
للمحرر كلمة
تُعبر الفنانة سارة صالح عن طموحاتها الكبيرة وأهدافها المُستقبلية في عالم الموسيقى، حيث تتطلع إلى
وتُعتبر الموسيقى جزءًا لا يتجزأ من شخصيتها، وهي تعزم على استكشاف مجالات جديدة في هذا الفن.
كما تهدف الفنانة سارة إلى تقديم مشاريع موسيقية مبتكرة تتجاوز ما قدمته في السابق، مما يعكس نضوجها الفني وتغيرات رؤيتها الموسيقية.
كذلك تسعى الفنانة سارة إلى التعاون مع مجموعة من الفنانين والموسيقيين من مختلف الثقافات، حيث تؤمن أن التنوع والإبداع يمكن أن يساهمان في إثراء تجربتها الموسيقية.
هذه المشاريع الجديدة ستسمح لها بالتعبير عن نفسها بصورة أعمق، بل وتمثل أيضًا محاولة لتوصيل رسالة فنية تلامس قلوب الجمهور.
وبالتأكيد، ستلعب التطورات التكنولوجية الحديثة دورًا محوريًا في مسيرتها الفنية، حيث تعتزم استخدام التكنولوجيا لصياغة تجارب موسيقية جديدة ومؤثرة.
لا تتوقف طموحات سارة هنا؛ بل تتمنى أيضًا تقديم أعمالها في مهرجانات موسيقية عالمية، مما يساعدها على الوصول إلى جمهور أوسع، تعتقد أن الموسيقى تمتلك القدرة على تجاوز الحدود الثقافية واللغوية، مما يجعلها وسيلة مثالية للتواصل بين الناس.
علاوة على ذلك، تأمل سارة في إنشاء أكاديمية للموسيقى تهدف إلى تعليم الجيل الجديد من الموسيقيين، حيث يمكنهم تطوير مهاراتهم والاستفادة من خبراتها الشخصية كفنانة.
وتظهر رؤية سارة للمستقبل أنها ليست فقط فنانة تتطلع لخلق الموسيقى، بل أيضًا قائدة ومؤثرة تسعى لتحقيق تغييرات إيجابية في المجتمع من خلال فنها، فهي مقتنعة بأن الفنون يمكن أن تلهم الآخرين، وتؤمل سارة أن يكون لمشاريعها القادمة وقعٌ مميزٌ في عالم الموسيقى.
سارة لديها القدرة على جعل كل ملاحظة موسيقية تنبض بالحياة، مما يتيح لجمهورها الانغماس في عالم من الجمال والعمق، وتتسم شخصيتها بالتواضع والرغبة في التعلم المستمر، حيث تسعى لتطوير مهاراتها بشكل دائم.
ليس من الغريب أن نجدها تستلهم أفكارها من جمال الطبيعة وتفاصيل الحياة اليومية، مما يعكس قدرتها الفائقة على رؤية الفنان في كل لحظة.
تمثل سارة صالح رمزاً للفنانة التي لا تبحث عن الشهرة بقدر ما تسعى لإيصال مشاعرها الحقيقية إلى جمهورها.
تُظهر أهمية الإبداع في حياتها، وتمثل الفنون بالنسبة لها وسيلة للتعبير عن الذات وتجسيد الأفكار.
من خلال أعمالها، تمنح جمهورها فرصة للتمتع بجمالية الموسيقى والارتباط العاطفي مع كل نغمة، حيث تتمكن من خلق تجربة موسيقية متفردة.
وبالتالي، سارة صالح ليست فقط فنانة، بل هي أيضاً مثال حي لما تعنيه الإبداع والشغف الحقيقي في عالم الفن.





