استطلاع خاص وقع الحدث
ناصرمضحي الحربي
تُعدّ ظاهرة تقشّر الطرق السريعة من القضايا الحيوية التي تؤثر بشكل مباشر على جودة حياة المواطنين وسلامتهم، إذ تمثّل هذه الطرق شرايين رئيسية لشبكات النقل، وتلعب دورًا محوريًا في تسهيل الحركة والتنقّل ودعم الأنشطة التجارية. ومع تزايد الاعتماد اليومي على هذه الطرق، تبرز الحاجة الملحّة لمعالجة مشكلاتها بشكل عاجل للحفاظ على سلامة السائقين والمركبات وضمان استدامة البنية التحتية.
إن تقشّر الطرق لا يُعد مجرد مشكلة شكلية، بل يعكس تدهورًا بنيويًا في طبقات الرصف يمكن أن يؤدي إلى مخاطر جسيمة على السلامة المرورية. وقد أظهرت دراسات أن تآكل الأسطح يؤدي إلى زيادة احتمال الانزلاق وفقدان السيطرة على المركبات، خصوصًا في الظروف المناخية القاسية، مما يرفع من معدلات الحوادث والإصابات والوفيات. ومن هذا المنطلق، تبرز أهمية تسليط الضوء على هذه الظاهرة ودراستها بعمق من قبل الجهات المعنية ومهندسي البنى التحتية.
تتنوع أسباب تقشّر الطرق بين عوامل طبيعية وبشرية؛ فالتقلبات المناخية كالحرارة الشديدة والأمطار الغزيرة تُحدث تمددًا وانكماشًا متكررًا في طبقات الأسفلت، مما يضعف تماسكها ويؤدي إلى انفصالها التدريجي. كما تساهم الأحمال الزائدة وحركة المرور الكثيفة في تسريع هذا التدهور، بينما يؤدي ضعف الصيانة الدورية وسوء التصريف المائي إلى تفاقم المشكلة وتآكل الطبقات العليا للطريق. كذلك، فإن استخدام مواد بناء رديئة أو تصميمات هندسية غير ملائمة يزيد من احتمالية ظهور التشققات والحفر.
وتظهر نتائج الدراسات الميدانية أن معدلات انتشار تقشّر الطرق تختلف من منطقة لأخرى بحسب طبيعة المناخ والموارد المخصصة للبنية التحتية. لذا فإن فهم الأسباب الدقيقة وتحديد المواقع الأكثر تضررًا يعد خطوة أساسية لوضع خطط وقائية ومعالجة فعّالة. وقد شمل استطلاع ” وقع الحدث” آراء المواطنين حول مدى تأثرهم بهذه المشكلة، حيث عبّر معظم المشاركين عن قلقهم من خطورتها وتأثيرها على حياتهم اليومية.
فقد أكد السائقون أن الطرق المتقشرة ترفع من احتمالية وقوع الحوادث، وتؤدي إلى تلف المركبات وزيادة تكاليف الإصلاح، كما تسبب في بطء حركة المرور وازدحامها، مما ينعكس سلبًا على الاقتصاد المحلي والبيئة بسبب زيادة الانبعاثات الكربونية.
في المقابل، أشار العديد من السائقين الذين تمت مقابلتهم إلى أن تقشّر الطرق يجعل القيادة تجربة مرهقة وغير آمنة، خصوصًا في أوقات الذروة أو خلال الأمطار.
فقد عبّر أحد سائقي الشاحنات عن صعوبة السيطرة على المركبة في الطرق المتضررة، بينما أوضحت سائقة سيارة عائلية أن الأصوات الناتجة عن احتكاك الإطارات بالأسطح المتشققة تثير الخوف والقلق على سلامة الركاب.
هذه الشهادات تعكس واقعًا يوميًا يعيشه السائقون وتبرز الحاجة الملحّة لتدخل الجهات المختصة لتدارك الوضع وتحسين جودة الطرق.
ويرى الخبراء في مجال النقل والهندسة المدنية أن المشكلة تتجاوز مظاهرها السطحية، إذ إن ضعف الصيانة الدورية، وقصور الرقابة على جودة المواد المستخدمة في الرصف، وغياب التخطيط السليم لتصريف مياه الأمطار تعد من أبرز الأسباب وراء تفاقمها.
ويقترح المختصون حلولًا شاملة تبدأ باستخدام مواد رصف عالية الكفاءة تتحمل التغيرات المناخية، إلى جانب تطبيق تقنيات حديثة مثل أجهزة الاستشعار الذكية والكاميرات لمراقبة حالة الطرق بشكل مستمر، مما يسمح بالكشف المبكر عن مناطق الخلل قبل تفاقمها.
كما يدعو الخبراء إلى تبنّي نهج استباقي في إدارة البنية التحتية، من خلال تنفيذ برامج صيانة وقائية منتظمة وتخصيص ميزانيات كافية لتحديث شبكات الطرق.
ويُعدّ إدخال التكنولوجيا في عمليات الرصد والتقييم عاملاً حاسمًا في تحسين الأداء وضمان الاستدامة.
في الوقت ذاته، تقع على السائقين مسؤولية الالتزام بإجراءات السلامة والقيادة بسرعات مناسبة، خاصة في المناطق التي تعاني من التلف، مع ضرورة الحفاظ على مسافة أمان كافية بين المركبات لتقليل احتمالية وقوع الحوادث.
ولهذا إن معالجة ظاهرة تقشّر الطرق السريعة تتطلب تكاتف الجهود بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع.
فالاستثمار في بنية تحتية متينة وصيانتها بانتظام لا ينعكس فقط على السلامة العامة، بل يسهم أيضًا في تقليل التكاليف الاقتصادية الناتجة عن الحوادث والإصلاحات، ويعزز من كفاءة النقل والتنمية المستدامة.
للمحرر كلمة:
يتضح أن هذه القضية ليست مجرد شأن هندسي أو فني، بل هي مسألة تمس حياة الناس اليومية وأمنهم على الطرق.
إن إهمالها يعني زيادة الخسائر البشرية والمادية، بينما التعامل معها بجدية واحترافية يفتح الطريق أمام بيئة مرورية أكثر أمانًا وكفاءة.
لذلك، تبقى الحلول القائمة على العلم، والمتابعة المستمرة، والتعاون بين مختلف القطاعات هي السبيل الأمثل لضمان طرق سريعة آمنة ومتكاملة تخدم الأجيال الحالية والقادمة.
