سلمان بن عبدالعزيز.. 11 عاماً من الريادة والنماء
الرياض – وقع الحدث :-
حل يوم أمس (الخميس) الذكرى الحادية عشرة، لمبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ملكاً سابعاً للمملكة العربية السعودية، والتي تمت في 3 ربيع الآخر 1436هـ، ليصبح الحاكم الـ15 من حكام الدولة السعودية منذ تأسيسها عام 1139هـ.
وهي مناسبة تحمل في طياتها تجديد العهد والإيمان بالقيادة الرشيدة والمسار المستمر للتقدم والنماء، عبر استعراض إرث الملك ومسيرته ومنجزاته التي امتدت على مدى سنوات حافلة بالعطاء والتطوير، من نشأته إلى توليه الحكم، مرورًا بالإصلاحات والمبادرات، وصولًا إلى رؤيته الشاملة التي أرساها لمستقبل المملكة.
تأتي هذه الذكرى، وقد حققت المملكة قفزات نوعية في مختلف المجالات، فقد أضحت المملكة لاعباً دولياً مؤثراً وهي تقود حالياً الجهود الدولية لتنفيذ حل الدولتين وقيام دولة فلسطين وقد دفعت هذه الجهود أكثر من 10 دول للاعتراف بفلسطين، وفي المجال الدفاعي والعسكري تعمل المملكة بقوة نحو توطين الصناعات العسكرية والتي وصلت الآن إلى أكثر من 19% بعد أن كانت لا تتجاوز 2% في 2016م.
ويواصل الاقتصاد السعودي تنويع مساراته وتقليص اعتماده على النفط، وللمرة الأولى في تاريخ المملكة باتت الأنشطة غير النفطية تستحوذ على 56% من الناتج المحلي الذي بلغ مستويات قياسية تتجاوز 4.5 تريليون ريال، وتشق المملكة طريقها بثبات نحو تحقيق هدفها بأن تصبح مركزًا عالميًا في الذكاء الاصطناعي.
ختم القرآن الكريم في سن العاشرة
وُلد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في مدينة الرياض يوم 5 شوال 1354هـ الموافق 31 ديسمبر 1935م، وهو الابن الـ25 للملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود.
وتلقى تعليمه الأولي في مدرسة الأمراء بالرياض التي أسسها الملك عبدالعزيز لتعليم أبنائه، حيث درس العلوم الدينية واللغة العربية والعلوم الحديثة، حيث برز نبوغه منذ الصغر، إذ ختم القرآن الكريم كاملًا وهو في سن العاشرة، كما لازم والده في مجالسه الرسمية مما أكسبه خبرة مبكرة في الشؤون السياسية والإدارية، ومهّد لانخراطه في مسؤوليات الدولة في وقت مبكر من حياته.
إمارة الرياض.. عقود من البناء والتطوير
يرتبط اسم الملك سلمان بن عبدالعزيز بالرياض وللعاصمة مكانة خاصة لدى خادم الحرمين الشريفين، حيث عاصر تطورها من بلدة صغيرة إلى حاضرة عالمية، ووصفها بـ”مدينتي” و”عاصمتي الحبيبة”، مؤكداً أن كل ركن أو زاوية فيها تعيش معه في قلبه وتفكيره، وأنها عيشة مشتركة بين المدينة وحاكمها.
فهو يرى أن الرياض جزء من تاريخ حياته، ويحتفظ فيها بعلاقة حب وولاء عميقة، فهو لا يغيب عنها جسديًا، بل يظل يفكر في أعمالها وشؤونها ويتابع كل مشروع فيها خُطوة بخُطوة.
تولى الملك سلمان إمارة الرياض أول مرة عام 1374هـ/ 1955م وهو في التاسعة عشرة من عمره، ثم أعيد تعيينه أميرًا لها عام 1382هـ/ 1963م ليستمر قرابة 5 عقود، حيث قاد خلال هذه الفترة عملية تحول كبرى نقلت الرياض من مدينة صغيرة إلى عاصمة عالمية نابضة بالحياة.
وعمل على تحديث البنية التحتية، وإنشاء الطرق والمطارات والمدارس والمستشفيات، وأطلق مشاريع تنموية أسهمت في رسم ملامح العاصمة الحديثة، كما ترأس الهيئة العليا لتطوير الرياض (الهيئة الملكية حالياً) فكان حاضرًا في تفاصيل التخطيط والتنفيذ، حتى أصبحت الرياض نموذجًا للتوسع الحضري في المنطقة.
وشهدت الرياض في عهده تحولها من بلدة صغيرة يقطنها آلاف السكان ويمتهنون الزراعة والتجارة إلى حاضرة عالمية كبرى تستضيف أبرز المحافل والمناسبات الدولية، فقد أسس مؤسسات مثل “دارة الملك عبدالعزيز” و”مركز الوثائق والمحفوظات التاريخية” لتوثيق وحفظ تاريخ الرياض والهُوِيّة الوطنية.
وزارة الدفاع.. رفع جاهزية القوات العسكرية
تولى الملك سلمان في عام 2011م وزارة الدفاع، حيث أشرف على تطوير القوات المسلحة وإعادة هيكلة قطاعاتها. عمل على تعزيز قدراتها القتالية، ما رفع جاهزية القوات العسكرية السعودية.
كما عزز التعاون العسكري مع الدول الصديقة عبر مناورات وتدريبات مشتركة، وأوفد الضباط السعوديين للدراسة في الكليات العسكرية العالمية، ما انعكس على تحسين مستوى التأهيل والاحترافية في القوات السعودية.
ولاية العهد
عُيّن في يونيو 2012م وليًا للعهد ونائبًا لرئيس مجلس الوزراء مع احتفاظه بحقيبة الدفاع، حيث كانت هذه المرحلة محطة انتقالية بارزة مهدت لتوليه الحكم لاحقًا.
كما شارك خلال هذه المرحلة في صنع القرار الوطني، وكان ممهدًا للانتقال السلس للحكم، وكان له حضور مؤثر في السياسة الخارجية والإقليمية، مما عزز من مكانة المملكة وأهّلها لمرحلة جديدة من التحولات.
تولي الحكم.. مرحلة جديدة من الإصلاح والتطوير
في 3 ربيع الآخر 1436هـ/ 23 يناير 2015م، بويع الملك سلمان ملكًا للمملكة بعد وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ليبدأ مرحلة جديدة من الإصلاح والتطوير، ومنذ يومه الأول أكد على الأمانة والمسؤولية في أول كلمة وجهها للمواطنين، مشددًا على الاستمرار في نهج أسلافه في خدمة الدين والوطن.
وشدّد على أن المواطن هو محور اهتمام الدولة وغايتها، وقد ارتكزت سياسته منذ توليه الحكم على الجمع بين الاستمرارية في مسيرة الدولة منذ تأسيسها، والانفتاح على الإصلاح والتطوير بما يواكب تحديات المرحلة.
استهل خادم الحرمين الشريفين أولى كلماته بعد مبايعته ملكاً للبلاد، بأن الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، شاء الله عز وجل أن يختاره إلى جواره بعد أن أمضى حياته مبتغيًا طاعة ربه، وإعلاء دينه، ثم خدمة وطنه وشعبه، والدفاع عن قضايا الأمتين العربية والإسلامية.
كما أكد أن الأمة العربية والإسلامية أحوج ما تكون اليوم إلى وحدتها وتضامنها، فقد شرفها الله بأن اختارها منطلقًا لرسالته وقبلة للمسلمين، مشيراً إلى أن المسيرة تتمثل في الأخذ بكل ما من شأنه وحدة الصف وجمع الكلمة والدفاع عن قضايا الأمة، مهتدين بتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف الذي ارتضاه المولى لنا، وهو دين السلام والرحمة والوسطية والاعتدال.
رفع كفاءة العمل الحكومي
شهد عهد الملك سلمان منذ بدايته سلسلة من القرارات التنظيمية التي استهدفت رفع كفاءة العمل الحكومي، شملت دمج وزارات وإنشاء هيئات جديدة وتطوير آليات اتخاذ القرار بما يتناسب مع متطلبات التنمية، ففي الأربعين يومًا الأولى من توليه الحكم أصدر 44 أمراً ملكيًا في إصلاح إداري شامل لأركان الدولة وإداراتها.
كما دعم إصلاحات واسعة في النظام القضائي، شملت تعيين كوادر مؤهلة، وتطوير الأنظمة والتشريعات، وتعزيز الشفافية، وذلك ضمن مساعيه لترسيخ العدالة وتعزيز ثقة المواطنين في القضاء.
الفساد لن يجد له مكانًا في المملكة
شدّد الملك سلمان في أكثر من مناسبة على أن الفساد لن يجد مكانًا في المملكة، لافتاً إلى دعمه الكامل للأجهزة الرقابية لتطبيق القانون على الجميع، فلن ينجو أي شخص دخل في قضية فساد كائنًا من كان، وجاءت هذه التوجيهات لترسخ مبدأ المساءلة والشفافية، وتؤكد عزم الدولة على حماية المال العام وصون مكتسبات الوطن من أي ممارسات تضر بمسيرة التنمية.
وأكّد في كلمته مع كبار المسؤولين والمهتمين بمكافحة الفساد، أن أي مواطن يستطيع أن يرفع قضية على الملك أو ولي عهده أو أي فرد من أفراد الأسرة الحاكمة، مشيراً إلى أنه تعلم عن والده قول “رحم الله من أهدى إليَّ عيوبي، فإذا رأيتم شيئاً يضر المواطن أو بأفراد أو بقبيلة أو ببلدة أو بأي شيء كان، فأبوابنا وهواتفنا وآذاننا مفتوحة”.
الداعم الأول لرؤية 2030
وفي عام 2016م أطلق ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، رؤية السعودية 2030 بدعم كامل من الملك سلمان، حيث تهدف الرؤية إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، وتعزيز التنمية البشرية، وإطلاق مشاريع كبرى غير مسبوقة جعلت المملكة محط أنظار العالم.
كما أكّد على التزام المملكة بتحقيق أهدافها الاستراتيجية، بتطوير البنية التحتية، وتحسين جودة الحياة، وتمكين الكفاءات الوطنية، وإطلاق المشاريع التي وضعت المملكة في صدارة المشهد العالمي.
خُطوات بارزة في تمكين المرأة
شهد عهد الملك سلمان خُطوات بارزة في تمكين المرأة السعودية، شملت دخولها مجالات العمل المختلفة، ومشاركتها في مجلس الشورى، إضافة إلى تسهيل مشاركتها الاقتصادية والاجتماعية، لتصبح شريكًا فاعلًا في التنمية الوطنية.
كما اتخذ خُطوات غير مسبوقة في مجال تمكين المرأة، حيث سُمح لها بقيادة السيارة، ودخولها مواقع صنع القرار، وتعزيز مشاركتها في القطاعين العام والخاص، فضلاً عن توليها المناصب القيادية، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية 2030.
سلمان الخير
عُرف الملك سلمان منذ شبابه بدعمه المتواصل للأعمال الخيرية، حيث أسس ورأس العديد من الجمعيات الإنسانية، مما رسخ صورة المملكة كدولة رائدة في العمل الإنساني العالمي.
كما امتدت جهوده إلى الخارج من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، الذي يقدم مساعدات للدول المتضررة من الكوارث والحروب، ويواصل هذا الذراع الإنساني جهوده لتأمين الغذاء والخدمات التعليمية للمحتاجين حول العالم.