ذوو الإعاقة: قوة لمستقبل وطننا… رؤية في اليوم الوطني السعودي 95
بقلم : الدكتور عبدالرزاق علي التركي
في اليوم الوطني الخامس والتسعين للمملكة العربية السعودية، ونحن نحتفي بالمسيرة الخالدة والإنجازات المتتابعة تحت راية القيادة الرشيدة، يحقّ لنا أن نتوقف عند أحد أعمدة النهضة الشاملة التي تشهدها بلادنا: تمكين الإنسان السعودي بكل فئاته وقدراته. ومن بين هذه الفئات، يقف ذوو الإعاقة اليوم كشريك حقيقي في صناعة المستقبل، لا كطرفٍ على الهامش.
لقد أثبتت التجارب الإنسانية المتنوعة أن الإعاقة لم ولن تكون عائقًا أمام العطاء والإبداع، بل إنّ العزيمة والإرادة قادرتان على تحويل التحديات إلى طاقات فاعلة تسهم في بناء المجتمعات ونهضتها. فالإعاقة الحقيقية ليست في الجسد، بل في تعطيل القدرات وإهمال الفرص. كم من مبصر يعيش في الظلام حين يُقصي الآخر، وكم من كفيفٍ أضاء الدروب بعزيمته، وكم من شخصٍ واجه الإعاقة ليصبح رمزًا يُحتذى به في مجاله.
إنّ الرؤية التي نؤمن بها جميعًا اليوم، هي أن ذوي الإعاقة ليسوا مجرد متلقّين للرعاية أو أصحاب احتياجات خاصة، بل هم طاقات وطنية قادرة على الإبداع والقيادة والابتكار إذا ما أُتيح لها التعليم النوعي، والبيئة العملية الداعمة، والتشريعات المُمكِّنة، والمساحات الرحبة التي تتيح لهم إثبات قدراتهم على أرض الواقع. لقد جاءت رؤية المملكة 2030، بخططها وبرامجها الطموحة، لتؤكد هذا المعنى عمليًا من خلال مبادرات الدمج والتمكين وتوفير الفرص في ميادين التعليم، والتوظيف، والرياضة، وريادة الأعمال، وحتى المجالات التقنية والعلمية الأكثر تقدمًا.
واليوم، ونحن نلمس ثمار هذه الرؤية المباركة، نجد أبناء وبنات المملكة من ذوي الإعاقة يحققون إنجازات مشرفة في مختلف المحافل، يحملون راية الوطن عاليًا، ويثبتون أن العزيمة الصادقة تصنع الفارق مهما كانت التحديات.
إنّ المستقبل الذي نحلم به جميعًا، هو مستقبل لا يُعرِّف الأفراد من خلال إعاقتهم، بل من خلال ما حققوه من إنجازات وبصمات مضيئة في خدمة الوطن والمجتمع. والاستثمار في الإنسان – أيًا كانت ظروفه وقدراته – هو أعظم استثمار يمكن أن تقدّمه الدول المتحضّرة لأبنائها، لأنه استثمار في الفكر والإبداع والمستقبل.
وفي هذا اليوم الوطني العظيم، نوجّه رسالةً ملؤها الإلهام والأمل إلى شبابنا من ذوي الإعاقة:
لا تسمحوا لأي عائق أن يحجب أحلامكم، فالوطن يحتاج إلى فكرِكم النير، وإبداعِكم المتجدد، وإرادتِكم الصلبة التي تُلهم الآخرين. وكل خطوة تخطونها نحو النجاح هي خطوة يخطوها الوطن بأكمله نحو قمم الإنجاز والريادة.
حفظ الله المملكة وقيادتها، وأدام عليها عزّها وأمنها، ووفّق أبناءها جميعًا – بمختلف قدراتهم – لصناعة مستقبل يليق بعظمة هذا الوطن، ويجعل منه نموذجًا يُحتذى به في تمكين الإنسان، وبناء المجتمعات المتوازنة، وتحقيق التنمية الشاملة.