“وانتهت المسرحية.. حرب الوهْم بين إسرائيل وإيران”
✍️ ناصرمضحي الحربي :
انتهت المسرحية!
هكذا يمكن أن نُلخّص ما جرى خلال الأسابيع الماضية بين طهران وتل أبيب، وما صاحبه من ضجيج إعلامي، وتهويل استراتيجي، وبيانات “نارية” لا تُطفئ شمعة على أرض الواقع.
فما الذي حدث حقاً؟
بين صاروخٍ قيل إنه أُطلق، وردٍّ قيل إنه حاسم، وضرباتٍ “نوعية” لم يصب منها سوى صدى القنوات الفضائية، انقضت المواجهة الخاطفة كما رمشة عين. وانتهى المشهد كما بدأ: لا نتائج تُذكر، لا تغييرات تُرصد، سوى تلك التي أُريد لها أن تُعرض على جمهور المقهورين في العالم العربي والإسلامي.
حرب الاستعراض لا أكثر
ما حدث لم يكن حربًا، بل كان تمثيلية. مسرحٌ معدّ بإتقان، وأدوار موزّعة بدقة، وإخراجٌ يبدو للجاهل صراعًا وجوديًا، بينما هو في حقيقته تبادل أدوار بين من تمرّسوا على الخداع السياسي، واعتادوا بيع الشعوب أوهام النصر والمؤامرة.
إيران التي ما انفك إعلامها عن رفع شعارات “الشيطان الأكبر” و”الموت لإسرائيل”، لم تُطلق يومًا رصاصة حقيقية على حدود الجولان المحتل، لكنها لم تتردد يومًا في قصف مخيمات السوريين، أو دعم المليشيات في عواصم العرب. وإسرائيل، التي لا تفوّت فرصة لتهديد طهران، تعرف جيدًا كيف تستفيد من بقاء “عدوها” حيًا، صاخبًا، لكنه تحت السيطرة.
الجمهور: الضحية الأبدية
وحده المتفرّج العربي هو الذي صدّق. صدّق أن الحرب قد تقع، وأن شيئًا سيتغير. لكن المجرب في جميع الميادين – كما تقول الحكمة الشعبية – يعرف ما يجري خلف الكواليس. يعرف أن العداوات المعلنة ليست دائمًا حقيقية، وأن المصالح العميقة قد تُحرك ما نراه على الشاشة كما تُحرك الخيوط دمى المسرح.
من شلة إبليس؟
نعم، من شلة إبليس خرج السيناريو. تحالفات غير مرئية، مصالح استخباراتية، ترتيبات تتجاوز ما يُقال في الخطب أو يُرفع في الشعارات. إنها لعبة الأمم، ونحن فيها، دومًا، خارج الحسابات الجدية، نُصفق حين يُطلب منا التصفيق، ونصمت حين يُقطع التيار عن المسرح.
وأخيرًا..
إذا كانت المسرحية قد انتهت، فإن فصولًا أخرى تنتظرنا، بنفس الممثلين، وربما بديكور مختلف. لكن لعلّ ما تغيّر هذه المرة هو وعي الشعوب، التي بدأت تدرك أن ما يُعرض ليس دائمًا ما يحدث، وأن الكواليس تحكم أكثر مما يُقال على الخشبة.
الأربعاء25 يونيو 2025
ناصرمضحي الحربي