الموجز الاخباري لصحيفة وقع الحدث تابعنا من هنا

كتاب الرأي

هماً بداخلي.. وضيقة بال

✍️ ناصرمضحي الحربي :

تمرّ بنا أيام نخالها لا تنقضي، تزدحم فيها الهموم وتضيق بها الصدور حتى لا يعود للهواء متسع، ولا للكلمات مخرج. هي تلك اللحظات التي يصعب وصفها، ويستعصي فهمها حتى على أقرب الناس إلينا. لحظات نعيشها ونحن نرتدي وجوهًا صامتة، ونمضي في يومنا كما لو أننا بخير، بينما في الداخل عاصفة لا تهدأ، وهمّ لا يلين، وضيقة تلتف على القلب كأنها يد لا ترحم.

هماً بداخلي.. وضيقة بال.
ليست أول مرة أشعر فيها بهذا الثقل، لكنها المرة التي أعي فيها كم أصبح الصمت عبئًا، وكم بات الحديث ترفًا لا أطيقه. أبدو أمام الجميع هادئًا، أنجز ما عليّ، أبتسم حين يتطلب الموقف، وأشارك الأحاديث الصغيرة، لكني في قرارة نفسي أبحث عن زاوية أختبئ فيها من كل شيء.. من الحياة، من التوقعات، ومن نفسي.

هذا الهمّ ليس دائمًا بسبب حدث واضح، أو مشكلة بعينها.. أحيانًا يولد فينا من تراكم التفاصيل، من تعب الأيام، من الأحلام المؤجلة، ومن محاولاتنا المتكررة للتماسك حين لا نجد من يسندنا. هو مزيج من شعور بالخذلان، وفقدان الحماس، والبحث المستمر عن معنى لما نعيشه.

في ضيقة البال لا نكره الناس، لكننا نرغب في الابتعاد عنهم. لا نرفض الحياة، لكننا نرغب في استراحة منها. نحتاج فقط إلى لحظة صدق.. إلى حضن لا يسألنا شيئًا، إلى كلمة لا تقيمنا ولا تنصحنا، بل تحتوينا.

لكننا نتعلم، مع الوقت، كيف نربت على أنفسنا، كيف نهدئ من روع قلوبنا، كيف نستعيض عن “ما فقدناه” بما تبقّى لدينا. نتعلّم كيف نضع رؤوسنا على وسائدنا المثقلة، ونهمس في الظلمة: “غدًا يوم جديد.. وسأحاول من جديد”.

هماً بداخلي.. وضيقة بال.
لكنني ما زلت واقفًا

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى