الموجز الاخباري لصحيفة وقع الحدث تابعنا من هنا

كتاب الرأي

للمعاق طاقة تفجرها روح التعاون

✍️ ناصرمضحي الحربي :

حين نتحدث عن الإعاقة، فإن أول ما يجب أن نسقطه من حساباتنا هو نظرة الشفقة، فالإعاقة ليست عجزًا، بل اختلاف في طريقة الأداء، وربما تفوقٌ في زاوية لم ننتبه لها. كثيرٌ من أصحاب الإعاقة ليسوا بحاجة إلى عطفٍ بقدر حاجتهم إلى شراكة، وإلى مجتمع يرى فيهم طاقات كامنة، لا أحمالاً زائدة.

ولعلّ أجمل ما يُفجّر هذه الطاقة هو “روح التعاون”.

فالمعاق حين يُمنح بيئة متفهمة، ومجتمعًا لا ينظر إليه من علٍ، وأفرادًا يؤمنون بقدراته لا بإعاقته، فإنه يتحول إلى نموذج ملهم من الإرادة والإنجاز. التعاون هنا ليس منّة، بل وعي بأن القوة في التكامل، وأن ما قد ينقص أحدنا يُكمله الآخر.

نحن لا نبني مجتمعًا متماسكًا إذا قسمنا أفراده إلى “قادر” و”عاجز”، بل نبنيه إذا جعلنا من التعاون وسيلة لتحرير الطاقات لا تصنيفها. فالمعاق لا ينقصه الذكاء، ولا الطموح، بل ربما كانت لديه عزيمة تفوق الأسوياء، لكنه بحاجة إلى من يفتح له بابًا، لا من يغلق عليه نوافذ الحياة.

تأمل فيمن علّم العالم بأسره لغة جديدة وهو أعمى وأصم، مثل “هيلين كيلر”، أو من غزا الفضاء وهو على كرسي متحرك مثل “ستيفن هوكنج”، هؤلاء لم يكونوا معجزات فردية، بل كانوا نتائج لتعاون جماعي آمن بأن الإنسان أكبر من إعاقته.

روح التعاون لا تعني فقط تقديم المساعدة، بل خلق فرص، وتوفير أدوات، وإزالة عوائق، والأهم: بناء ثقافة احترام وقبول. حينها فقط، تتفجر طاقة المعاق، لا كاستثناء بل كحق طبيعي، وتتحول الإعاقة إلى نقطة بداية، لا نهاية.

فلنكن مجتمعًا لا يرى في الإعاقة نهاية الطريق، بل بوابة لاكتشاف قدرات خارقة، قد لا تكتشف إلا حين تمتد يد التعاون.

نعم، للمعاق طاقة… ولكنها تنتظر روحًا مؤمنة بها، تمد لها الجسر، لا الجدار.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى