الموجز الاخباري لصحيفة وقع الحدث تابعنا من هنا

كتاب الرأي

القهوة.. تأملات في فنجان صغير

بقلم/ ناصرمضحي الحربي

القهوة، تلك الجرعة السوداء التي تنبعث منها رائحة الأحلام قبل أن تصحو العيون. ليست مجرد شراب، بل هي طقوس مقدسة يمارسها الإنسان ليعيد ترتيب فوضى أفكاره. قد يبدو الأمر غريبًا، لكن هل لاحظت يومًا أن القهوة تشبهنا؟

فكر معي، عندما تضع البن المطحون في الماء الساخن، تجبره على مواجهة الغليان ليخرج أقوى وأعطر مما كان. أليس هذا ما نمر به نحن أيضًا؟ تلك اللحظات الصعبة التي تُصقل أرواحنا فتجعلنا أكثر نضجًا وعمقًا.

لكن، هناك فلسفة في القهوة تتجاوز حدود المذاق. كوب القهوة الأول صباحًا ليس عن الكافيين بقدر ما هو وعدٌ بيوم جديد، رسالة مختصرة تقول لك: “ابدأ!”، حتى لو كان اليوم مليئًا بالتحديات.

وماذا عن القهوة المسائية؟ إنها لحظة تأمل، توقف الزمن لبرهة لتشعر أن العالم يتمهل ليلتقط أنفاسه معك.

في المقابل، هناك من يعتبر القهوة شريكًا في التفكير، وكم من فكرةٍ عظيمة ولدت بين بخارها المتصاعد وحلاوة السكر (أو مرارته!). بل إنني سمعت أحدهم يصف كوب القهوة بأنه “ساعة نفسية” تحسب الوقت على إيقاع الرشفة التالية.

لكن دعني أشاركك موقفًا طريفًا: مرة، نسيت كوب قهوتي بعد أن صببته. عدت لأجده باردًا، لكنه كان بانتظاري كأنما يقول لي: “حتى وأنا بارد، أحمل راحتي.” كان ذلك درسًا صغيرًا في الصبر وتقدير الأمور، حتى لو لم تكن كما نتوقع.

القهوة ليست مجرد مشروب، إنها فلسفة تختصر الحياة في فنجان. مرّةٌ، حلوةٌ، ساخنةٌ، أحيانًا باردة، لكنها دائمًا مدهشة.

فهل فكرت يومًا، ماذا تقول عنك؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى