كتاب الرأي

سلطة الجماهير وتأثيرها على الكتابة والتفكير

اطلعت على مقاله بعنوان ” المفكر والكاتب بين امانة الكلمة وسلطة الجماهير” كتبها المفكر الاديب فايز الشهري أستعرض من خلالها أهمية دور المفكر والكاتب في المجتمع، وتحدث عن المسؤوليات الأخلاقية التي يتحملها الكتاب في نقل الحقائق بأمانة وموضوعية، وكذلك تأثير سلطة الجماهير على حرية التعبير والإبداع الفكري .
لذا اشاطر الشهري القول فيما ذهب اليه في مقالته واجد نفسي راغباً في الحديث حول الموضوع ذاته  مستعيناً بالله قائلاً :

  • يعتبر دور المفكر والكاتب في المجتمع من الأدوار الحيوية والأساسية التي تساهم في تشكيل الوعي الجماعي وتوجيه الرأي العام نحو القضايا الهامة.، الأفكار والكتابات ليست مجرد أدوات للتعبير الشخصي، بل هي وسائل قوية يمكنها تحفيز النقاشات وتعزيز الفهم والتفاهم بين مختلف فئات المجتمع، ومن خلال التأمل والكتابة، يستطيع المفكرون والكتاب إثارة التساؤلات، تقديم رؤى جديدة، وتحليل الظواهر الاجتماعية والسياسية بطريقة تسهم في تطور المجتمع.
  • تلعب الأفكار والكتابات دوراً محورياً في نقل الحقائق والأفكار بشكل دقيق ونزيه، وتقع على عاتق المفكرين والكتاب مسؤولية كبيرة في هذا السياق، حيث يُتوقع منهم تقديم محتوى يعكس الحقيقة بموضوعية وبدون تحيز وهذه المسؤولية تتطلب منهم الالتزام بالمبادئ الأخلاقية والمهنية، وضمان أن تكون معلوماتهم مستندة إلى مصادر موثوقة وتحليلات دقيقة.
  • إن تأثير المفكر والكاتب لا يقتصر على القراء والمثقفين فحسب، بل يمتد إلى دوائر صنع القرار والسياسات العامة ويمكن للأفكار التي يطرحونها أن تؤدي إلى تغييرات جوهرية في المجتمع، سواء من خلال تطوير السياسات أو إعادة النظر في الممارسات الاجتماعية والثقافية. وبالتالي، فإن المفكرين والكتاب يساهمون بشكل كبير في رسم ملامح المستقبل وفي تحقيق التقدم والازدهار.
  • المفكر والكاتب يمثلان جزءاً لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي. من خلال الأفكار والكتابات، يكون لهم دور فعّال في توجيه وتشكيل الرأي العام، مما يجعلهم عنصراً أساسياً في أي مجتمع يسعى إلى النمو والتطور. المسؤولية التي يتحملونها في نقل الحقيقة وتحفيز النقاشات هي مسؤولية كبيرة، ولكنها أيضاً فرصة لتحقيق أثر إيجابي ومستدام.
  • تعتبر أمانة الكلمة مبدأً أخلاقياً وإنسانياً أساسياً في عالم الكتابة والتفكير، يتمثل هذا المبدأ في التزام الكاتب بالصدق والدقة والموضوعية عند نقل الأفكار والمعلومات، في عصر تزايد فيه انتشار المعلومات بشكل غير مسبوق، يصبح الكاتب أمام مسؤولية أكبر لتقديم محتوى يُعتمد عليه ويخدم مصلحة المجتمع.
  • الصدق في الكتابة ليس مجرد فضيلة، بل هو واجب أخلاقي، يجب على الكاتب أن يتجنب التلاعب بالحقائق أو تحريفها لتحقيق أغراض شخصية أو مادية ،الدقة كذلك عنصر لا غنى عنه؛ إذ أن المعلومات المغلوطة يمكن أن تؤدي إلى آثار سلبية على الأفراد والمجتمعات، ومن هنا تأتي أهمية التحقق من المصادر والمعلومات قبل نشرها.
  • الموضوعية تعني تقديم المعلومات والأفكار بشكل محايد وغير متحيز، الكاتب الذي يسعى إلى النزاهة الفكرية يجب أن يبتعد عن التحيزات الشخصية والأيديولوجية، ويقدم وجهات نظر متعددة حول الموضوع قيد النقاش، هذا يسهم في تعزيز الحوار البناء ويمنع الانقسامات والصراعات الناجمة عن الفهم الضيق للأمور.
  • الكلمة هي سلاح ذو حدين؛ يمكن أن تكون أداة لبناء المجتمعات وتعزيز التفاهم، أو وسيلة لتدميرها ونشر الفوضى، استخدام الكلمة بشكل مسؤول يمكن أن يسهم في نشر الوعي وتعزيز القيم الإنسانية والأخلاقية، بينما استخدام الكلمة بشكل غير مسؤول قد يؤدي إلى التلاعب بالرأي العام ونشر التضليل.
  • من هنا تأتي ضرورة الحفاظ على النزاهة الفكرية، والكاتب الذي يلتزم بأمانة الكلمة يساهم في بناء مجتمع واعٍ ومثقف، بينما الكاتب الذي ينتهك هذه الأمانة يضر بمصداقيته ويؤثر سلباً على المجتمع ككل، الابتعاد عن التلاعب والتضليل هو السبيل للحفاظ على الثقة بين الكاتب والجمهور، وتقديم محتوى يخدم الحقيقة والعدالة.
  • تعتبر سلطة الجماهير من العناصر الحاسمة التي تؤثر على الكتابة والتفكير، حيث يمكن أن تكون كل من داعمة أو معيقة للإبداع. الجماهير تمتلك قدرة كبيرة على التأثير في القرارات الاجتماعية والسياسية، مما يضع الكاتب والمفكر تحت ضغط مستمر فيما يتعلق بحرية التعبير والإبداع الفكري، وهذه الضغوط قد تأتي بأشكال متعددة، بما في ذلك الانتقادات العلنية، الحظر، وحتى التهديدات الشخصية.
  • وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دورًا مهمًا في تعزيز سلطة الجماهير، حيث أصبحت منصات مثل فيسبوك وتويتر وسيلة سهلة وسريعة لنشر الآراء والتفاعل مع المؤلفين والمفكرين، على الرغم من أن هذه المنصات توفر مساحة لتبادل الأفكار والمناقشات، إلا أنها يمكن أيضًا أن تكون سلاحًا ذو حدين، يمكن أن تعمل على تعزيز حرية التعبير، لكنها في الوقت نفسه قد تقوضها من خلال التنمر الإلكتروني، والتشهير، والتلاعب بالمعلومات.
  • الكتّاب والمفكرون يجدون أنفسهم أحيانًا مضطرين للتعامل مع هذه الضغوط بطرق متعددة للحفاظ على استقلاليتهم وموضوعيتهم، ومن الضروري أن يكون لديهم وعي عميق بالتحولات الاجتماعية والسياسية التي تحيط بهم، وأيضًا القدرة على التفاعل مع الجماهير بطريقة تحترم حقوقهم في التعبير دون أن يضحوا بمبادئهم الفكرية.
  • في هذا السياق، يمكن للكاتب أن يستفيد من النقد البنّاء الذي يمكن أن يقدمه الجمهور، والذي قد يسهم في تحسين جودة العمل الفكري، ومع ذلك، يجب أن يكون هناك توازن بين الاستماع للجماهير والحفاظ على الاستقلالية الفكرية ،هذا التوازن يمكن أن يكون تحديًا كبيرًا في عصر يتسم بسرعة تداول المعلومات وسهولة الوصول إليها.
  • سلطة الجماهير وتأثيرها على الكتابة والتفكير هي قضية معقدة تتطلب فهمًا عميقًا ودقيقًا للعوامل المؤثرة، وعلى الكاتب أن يكون مستعدًا للتعامل مع هذه التحديات بذكاء ومرونة، مع الحفاظ على التزامه بأمانة الكلمة واستقلالية الفكر.
  • تحقيق التوازن بين أمانة الكلمة وسلطة الجماهير هو تحدٍ معقد يواجهه العديد من الكتاب والمفكرين في مسيرتهم الفكرية، الحفاظ على النزاهة الفكرية يتطلب التمسك بالمبادئ الشخصية والأخلاقية، حتى في وجه الضغوط الجماهيرية والآراء المتباينة – لذا، من الضروري أن يدرك الكاتب أهمية التمسك بالحق والعدالة كقيم أساسية، مهما كانت الظروف.

 

الثلاثاء25 يونيو/ 2024
ناصرمضحي الحربي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى