الموجز الاخباري لصحيفة وقع الحدث تابعنا من هنا

كتاب الرأي

لغة الحوار مع الآخرين

كتبها - ناصرمضحي الحربي /وقع الحدث

عند انطلاق مكوك الفضاء، فإنه يستهلك تسعين بالمائة من وقوده فى الدقائق القليلة الأولى للخروج من مجال الجاذبية الأرضية، وبعدئذ يقل استهلاك الوقود بشكل بالغ.
وبالنسبة للعديد من الأشخاص فإن البدء فى محادثة هو الجزء الأصعب فى عملية التواصل، فهو يستهلك تقريبا 90 % من طاقتنا للبدء فى عملية التواصل:
• لا نعرف كيف نبدأ التفاعل.
• لا نعرف ما نقوله فى البداية.
• لا نعرف ما إذا كان الطرف الآخر يرغب فى التحدّث إلينا أم لا.
• لا نعرف كيف نتعامل مع شخص معين.
ولكن بمجرد ان تبدا المحادثة، يكون الإبقاء على قوة الدفع أسهل من جعلها تتحرك فى أول الأمر.
تبدأ المحادثة الفعّالة قبل نطق الكلمة الأولى؛ حيث ينطلق الطرفان فى حوار غير واع فى عقليهما حول إمكانية تواصل كل منهما مع الطرف الآخر،
فيقوم كل منهما بقراءة لغة جسد الطرف الاخر وتعبيرات وجهه، ويفسر تلك الإشارات؛ لتحديد فرص النجاح فى التعامل معه، فإذا افترضنا أنْ تلك الإشارات كانت إيجابية، فإنه يستمر فى المحادثة، ويقيس باستمرار ردود أفعاله، أما إذا قرر أن إشاراته سلبية، فإنه يفترض أنه لن يكون مهتمًا.
ولكن غالباً ما تكون تلك الافتراضات غير صحيحة، ومن المهم أن نفصل بين ما نلاحظه وبين تفسيرنا لتلك الملاحظات.
عندما كنت أدير إحدى الندوات النقاشية ، لاحظت وجود مشارك كبير السن فى الصف الأمامي، وكان يبدو عليه بوضوح عدم الاهتمام فقد كان يتنهّد بصوت عال أثناء ا لمحاضرة ، ويدور بعينيه فى بعض الأحيان، ولا ينظر نحو المحاضر ، وكانت لغة جسده وتعبيرات وجهه توضح أنه يفضّل أن يكون فى أى مكان آخر على أن يكون فى مكان انعقاد تلك الندوة، واعتقدت أنه قد أجبر على الحضور من قبل مديره.
ولكن فى نهاية المحاضرة، اقترب منى وأمسك بيدى، وقال لى – دون أن تظهَر أى تعبيرات على وجهه: “شكرا لك، لقد كانت تلك الندوة من أفضل الندوات التي حضرتها، لقد غيرت مفهومي عن الحياة”.
وحتى ذلك الوقت، كنت قد تعلمت ألا أجزم بصحة افتراضاتي، فإذا شبك أحد الأشخاص بين ذراعيه، فإنني أفترض أنه منغلق، وغير متفاعل، ولكن فى بعض الأحيان يكون لديه إحساس بالبرد فقط.!
ولهذا طريقتان للبدء فى محادثة وهما:
1/ الانتظار حتى يتحدّث معك شخص ما.
2/ أن تتحدث أنت معه.
والأسلوب الأول هو الأشهر بالنسبة للأشخاص الانطوائيين، فإنهم لا يرغبون تحمل مخاطرة الرفض او أن يبدوا كحمقى؛ لذا فهم ينتظرون معهم أحد الأشخاص، فإذا أخذ الشخص الآخر المبادرة، حتى يتحدث فإن الشخص الانطوائي يفترض أنه وجد به ما يجعله يبدأ محادثة معه، ولكن هذا الأسلوب تكتنفه بعض المشاكل وهى:
• إذا لم يقترب منه أحد الأشخاص، فإن هذا يعزز شعوره بعدم الكفاءة.
• يجعل تركيزه منصبًا على نفسه بدلا من أن يكون منصبا على الشخص الآخر.
• لا يمكنه التحكم فى النتائج.
•يجعل عملية المحادثة ككل ألما محتمل الوقوع.
أما الأسلوب الثاني الأشهر بالنسبة للأشخاص فهو الانبساطيين، فإنهم لا يكون لديهم مثل هذا الاهتمام بالطريقة التى يراهم بها الآخرون؛ ولهذا سرعان ما يتحدثون مع الأشخاص الآخرين، ويعتقدون أنهم يشعرون بالراحة عند إجراء المحادثة مثلهم تماما، وعندما يتعلق الأمر ببدء المحادثة، فهذا يعد أسلوباً فعّالاً.
وربما يجد الأشخاص الهادئون أنّ الأسلوب الثاني أكثر تهديداً؛ ولذا فإنهم لا يفكرون به، ولكن الألم الذي يشعرون به عادة ما يكون نتيجة أنهم يفترضون بعض الافتراضات.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى