تقرير – عبدالله الحايطي :
في هذه الرواية تتجلى حكاية بولي، الفتاة الريفية التي خرجت من بساطة الحقول وهدوء القرى إلى صخب المدينة وبريقها المتسارع. جاءت في زيارة لصديقتها فاني، لكن الزيارة سرعان ما تحولت إلى رحلة فاصلة بين عالمين: عالم الطهر والبساطة الذي عرفته منذ طفولتها، وعالم الانفتاح والسطحية الذي يفرض إيقاعه بلا هوادة.
تجد بولي نفسها مأخوذة بسحر جديد لم تعهده من قبل؛ أناقة الأزياء، ضجيج الحفلات، ووجوه تتغير بتغير المزاج والمصلحة. وفي خضم هذا التيار الجارف، يقع قلبها في حب شقيق صديقتها، شاب متحرر لا يعترف بقيود العادات. هنا يبدأ صراعها الحقيقي: صراع بين قلب يطرق أبواب المغامرة، وعقل يذكّرها بجذور تربّت عليها وقيمٍ لا تنكسر بسهولة.
تتأرجح بين طريقين: هل تظل “فتاة من الطراز القديم” محافظةً على ما نشأت عليه من أخلاق ومبادئ؟ أم تتحدى هذه الصورة وتثبت لنفسها وللعالم أنها قادرة على رسم قدرها بجرأة، دون أن تفقد ملامحها الأصيلة؟
إنها رواية عن جدلية الإنسان مع ذاته، عن مواجهة المغريات في زمن يميل للسطحية، وعن اختبار حقيقي لقوة القيم حين تُوضع في مواجهة الرغبات. رواية لا تُقرأ لمجرد التسلية، بل لتفتح نافذة على معنى الهوية، وحقيقة التوازن بين الأصالة والحداثة، بين ما نمثله وما نحلم أن نكونه.
بهذه السردية البديعة، تنسج الكاتبة نوف الرويسان عملًا أدبيًا يجمع بين عمق الفكرة وجمال الأسلوب، ليبقى في الذاكرة كرحلة لا تنتهي مع سؤال مفتوح:
من هي بولي حقًا.. فتاة من الطراز القديم، أم امرأة من طراز جديد ؟؟
