لا أملك انتصارات مدهشة ولكن…
بقلم – ناصرمضحي الحربي
لا أملك انتصارات مدهشة أتباهى بها، ولا أرفع رايات فوق هضاب التجارب، لكنني أحمل في داخلي ما هو أثمن من النصر أحيانًا: ذاكرة الهزائم التي خرجت منها حيًا.
لقد تعلّمت أن الهزيمة ليست خاتمة الطريق، بل درس مُكثّف يضعك أمام مرآة نفسك، بلا أقنعة ولا رتوش. كنت أظن أن المجد يقاس بعدد المرات التي ننتصر فيها، ثم أدركت أن النجاة بعد الانكسار بطولة لا تقل شأنًا. أن تظل واقفًا بعد أن سقطت، أن تتنفس بعد أن اختنقت، أن تواصل الطريق بعد أن أُوصدت الأبواب—هذا في ذاته شكل من أشكال الانتصار الخفي.
الهزائم علّمتني أن الحياة ليست سباقًا على الميداليات، بل امتحانًا على الصبر والقدرة على النهوض. كل جرح ترك أثره على كتفي أو قلبي كان يذكّرني بأنني لم أُخلق للانهزام، بل للتجربة، وللتشبث بخيط الأمل مهما بدا واهيًا.
أكتب هذا لا لأتغنّى بمرارات الماضي، ولكن لأقول إننا جميعًا نحمل هزائم صغيرة وكبيرة، لكنها لم تلتهمنا. نحن شهود على أننا صمدنا. لسنا دائمًا أبطالًا في نظر الآخرين، لكننا على الأقل لم نفقد حقنا في المحاولة.
فما قيمة الانتصار المدهش إذا لم يسبقه سقوط علّمك أن الأرض قاسية، وأن النهوض عمل يومي شاق؟ وما معنى الهزيمة إذا لم تترك فيك بصمة تجعلك أكثر إنسانية وأقوى في مواجهة الغد؟
إنني إذ أعترف بهزائمي، أقول بثقة: خرجت منها حيًا… وما دمت حيًا، فما زالت أمامي فرصة أخرى، وطريق آخر، وربما انتصار مختلف لا يراه الناس بوضوح، لكنه يكفيني