الموجز الاخباري لصحيفة وقع الحدث تابعنا من هنا

ميدان الحدث

الدكتور سعود السهلي في حوار شامل: التعليم العالي أمام مفترق طرق… والابتكار هو البوصلة

تُجري صحيفة ‘وقع الحدث’ لقاءً صحفيًا مع الدكتور سعود بن عبدالله السهلي، عميد كلية الإعلام والاتصال بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، يتناول تجربته الأكاديمية ورؤيته لمستقبل التعليم العالي في ظل التحولات التقنية والاجتماعية

حوار: ناصر مضحي الحربي

يمتلك الدكتور سعود بن عبدالله السهلي، عميد كلية الإعلام والاتصال بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، سيرة أكاديمية ثرية تمتد على مدى سنوات طويلة من العمل في التعليم العالي والبحث العلمي والإدارة الأكاديمية.

وخلال هذا الحوار، يفتح لنا الدكتور السهلي أبواب تجربته الواسعة، متحدثًا عن ملامح رحلته المهنية، ومحللًا واقع التعليم الجامعي في المملكة، ومستشرفًا آفاقه المستقبلية في ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم على المستويات التقنية والاجتماعية والمعرفية.

بطاقة تعريفية
الاسم: د. سعود بن عبدالله السهلي
المنصب: عميد كلية الإعلام والاتصال – جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
الاهتمامات البحثية: الإعلام الرقمي، تقنيات التعليم، تطوير المناهج الجامعية
أبرز الأبحاث: أثر التكنولوجيا الحديثة في التعليم العالي – استخدام الواقع المعزز في تعليم الإعلام – الإعلام التفاعلي ومستقبل الصحافة الجامعية

** – بداية دكتور سعود، نود أن نتعرف على أبرز محطات تجربتكم الأكاديمية والمهنية في التعليم العالي؟
OO – انطلقت رحلتي الأكاديمية من مقاعد الدراسة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، التي كان لها الفضل بعد الله في تكوين شخصيتي العلمية والمهنية. انتقلت بعد ذلك إلى مراحل الدراسات العليا، حيث تخصصت في الإعلام والاتصال، وكان هدفي منذ البداية ألا أكون مجرد ناقل للمعرفة، بل شريكًا في صناعتها وتطوير أدواتها.
عملت في عدة مواقع أكاديمية وإدارية، ومررت بمسؤوليات متنوعة بدءًا من التدريس الجامعي، ثم الإشراف الأكاديمي، وصولًا إلى العمل الإداري كعميد للكلية، وهي مسؤولية تتطلب رؤية استراتيجية إلى جانب المتابعة اليومية للعمل الأكاديمي والبحثي.

** – في ظل هذه التجربة الطويلة، كيف تقيم واقع التعليم العالي اليوم؟
OO – التعليم العالي في المملكة شهد قفزات نوعية في السنوات الأخيرة، سواء من حيث السياسات التعليمية أو جودة المخرجات أو دعم البحث العلمي. ولكننا أيضًا نواجه تحديات حقيقية تتطلب منّا مرونة عالية واستعدادًا دائمًا للتطوير، في مقدمتها التطور التكنولوجي السريع وتغير سلوك المتعلمين أنفسهم.
الطالب اليوم ليس هو طالب الأمس؛ هو أكثر وعيًا، أكثر انفتاحًا على المعرفة، ويملك أدوات رقمية متقدمة تُمكنه من الوصول إلى المعلومة بسرعة. وهذا يحتم علينا أن نُعيد النظر في أساليبنا التدريسية، وننتقل من التلقين إلى التفاعل، ومن التلقّي إلى المشاركة.

** – ما رؤيتكم لمستقبل التعليم العالي في ظل هذه المتغيرات المتسارعة؟
OO – المستقبل سيكون للتعليم التفاعلي والمخصص، الذي يُصمَّم بحسب احتياجات الطالب الفردية. نحن أمام عالم يتطلب مهارات جديدة، مثل التفكير النقدي، والذكاء العاطفي، والقدرة على التكيف مع بيئات عمل غير تقليدية.
سيتطلب الأمر أيضًا اعتماد أنماط تدريس جديدة، كالفصول الافتراضية، والتعلم المدمج، واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل أداء الطلبة وتوجيههم. هذه الابتكارات لن تكون كماليات، بل ضرورات تمليها طبيعة العصر الرقمي.

** – هل لكم أن تحدثونا عن بعض أبحاثكم التي كان لها أثر في تطوير مجال التعليم؟
OO – أحد الأبحاث التي أفخر بها هو دراسة قمت بها حول “أثر التكنولوجيا الحديثة في التعليم العالي”، وركزت فيها على كيفية تأثير أدوات مثل المنصات الرقمية، وتقنيات الواقع المعزز، والذكاء الاصطناعي، في تغيير بيئة التعليم الجامعي.
وقد أظهرت نتائج الدراسة أن دمج هذه التقنيات في المناهج ساهم في رفع معدلات التفاعل الطلابي بنسبة كبيرة، كما حسّن من جودة التحصيل المعرفي، بشرط أن يكون الاستخدام مدروسًا ومتكاملًا مع الأهداف التعليمية.

** – ما أهمية التنوع في أساليب التعليم من وجهة نظركم؟
OO – التعليم اليوم لا يمكن أن يظل نمطيًا، لأن المتعلمين أنفسهم مختلفون في أساليب تعلمهم، واهتماماتهم، وحتى في خلفياتهم الاجتماعية والثقافية. لهذا، التنوع في الوسائل والأساليب ليس ترفًا، بل ضرورة تربوية وأكاديمية.
عندما نعتمد على الوسائط المتعددة، ونربط بين المحتوى النظري والتطبيقي، ونفتح المجال للنقاش والتفكير النقدي، فإننا نلبي احتياجات طلابنا ونجعل العملية التعليمية أكثر إنسانية وفعالية.

** – ما أبرز التحديات التي تواجه مؤسسات التعليم العالي حاليًا؟ وكيف يمكن مواجهتها؟
OO – أبرز التحديات تتمثل في مواكبة التطورات التقنية الهائلة، وهذا يتطلب استثمارات كبيرة في البنية التحتية التكنولوجية، وتدريبًا مستمرًا للكوادر الأكاديمية والإدارية، وتغييرًا جذريًا في نماذج التفكير والتخطيط.
لا يكفي أن نُدخل التقنية في القاعات الدراسية؛ الأهم هو أن نُعيد تشكيل ثقافتنا الأكاديمية لتكون منفتحة على التغيير، وقادرة على التفاعل معه بسرعة ومرونة. أيضًا، يجب أن نُشرك الطلاب في هذه العملية، فهم ليسوا مجرد مستفيدين، بل شركاء في التطوير.

** – كلمة أخيرة تود توجيهها لزملائك الأكاديميين ولطلاب الجامعات؟
OO – رسالتي لزملائي في التعليم العالي أن نُدرك أن دورنا اليوم لم يعد يقتصر على نقل المعرفة، بل على صناعة بيئة تعلم نشطة وملهمة تُخرج للمجتمع مواطنًا قادرًا على التفاعل مع متغيرات العصر. أما طلابنا، فأقول لهم: التعليم مسؤوليتكم أيضًا، استثمروا وقتكم، واسألوا، وناقشوا، وكونوا شركاء حقيقيين في المعرفة.

 

للمحرر كلمة:
بكل تقدير، تتقدم إدارة صحيفة وقع الحدث الإخبارية بخالص الشكر والامتنان لسعادة الدكتور سعود بن عبدالله السهلي، عميد كلية الإعلام والاتصال بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، على إتاحته الفرصة لإجراء هذا الحوار الثري، الذي أضاء جوانب مهمة من تجربته الأكاديمية، وقدّم رؤية عميقة لمستقبل التعليم العالي في ظل التحولات التقنية والاجتماعية المتسارعة.
لقد كان اللقاء فرصة مهمة للوقوف على رؤى علمية ملهمة، تنبض بالشغف، وتعكس إدراكًا واعيًا للتحديات والفرص التي يمر بها التعليم الجامعي اليوم.

 

 

نشر في يوم الإثنين28 يوليو 2025
وقع الحدث – ناصرمضحي الحربي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى