ميدان الحدث
العاملون في هذه المواقع: محترفون أم دخلاء على الإعلام؟
تقرير إعلامي خاص لصحيفة وقع الحدث
من اعداد وتقديم – ناصرمضحي الحربي
في عصر يتسم بالتطور التكنولوجي السريع وازدهار وسائل التواصل الرقمية، بات الإعلام أكثر تنوعًا وانتشارًا من أي وقت مضى. ومع ازدياد عدد المنصات الإعلامية والمواقع الإخبارية الإلكترونية، برزت قضية جوهرية تتعلق بجودة المحتوى الإعلامي واحترافية العاملين في هذه المواقع. فهل العاملون في هذه المنصات هم صحفيون محترفون يمتلكون الخبرة والتدريب المناسب، أم أنهم مجرد دخلاء على مهنة الإعلام؟
الفارق بين المحترفين والدخلاء
هناك فرق واضح وجوهري بين الصحفيين ذوي الخبرة والتدريب الأكاديمي في الإعلام، وبين الأفراد الذين انخرطوا في المجال الإعلامي دون مؤهلات أو تدريب مهني. الصحفي المحترف يتسم بمهارات بحثية دقيقة، وقدرة على التحقق من المصادر، والالتزام بأخلاقيات المهنة مثل الموضوعية، والدقة، والنزاهة، واحترام الخصوصية، بالإضافة إلى مراعاة القوانين المعمول بها. هذا النوع من الصحفيين يعمل ضمن أطر مهنية واضحة، ويحترم دوره كحلقة وصل بين الجمهور والحدث.
أما الدخلاء على المجال الإعلامي، فهم غالبًا أشخاص لا يحملون خلفية أكاديمية في الصحافة أو الاتصال الإعلامي، ولا يمتلكون تدريبًا مهنيًا أو خبرة عملية مناسبة. كثير منهم يدخل المجال بدافع سريع لتحقيق الشهرة أو الربح، دون الاهتمام بالمهنية أو الالتزام بالقواعد. ونتيجة لذلك، يُنتج هؤلاء محتوى ضعيفًا في كثير من الأحيان، يعاني من الأخطاء، والتحيز، ونقص التحقق، مما يضر بمصداقية الموقع نفسه وبثقة الجمهور.
أسباب ظهور الدخلاء في المجال الإعلامي
يمكن إرجاع ظاهرة دخول الأفراد غير المحترفين إلى المجال الإعلامي إلى عدة أسباب متشابكة:
1.سهولة إنشاء المواقع والمنصات الرقمية: مع انتشار الإنترنت، أصبح من السهل لأي فرد أو مجموعة إنشاء موقع إخباري أو قناة على وسائل التواصل الاجتماعي دون تكاليف ضخمة أو شروط تنظيمية صارمة.
2.الربح السريع: تجذب الإعلانات الرقمية والإيرادات المحتملة الكثير من الأشخاص غير المتخصصين، مما يدفعهم إلى استغلال المجال لتحقيق مكاسب مادية أو شهرة دون احترام المهنة.
3.انخفاض الحواجز المهنية: في كثير من الدول، لا توجد معايير صارمة أو رقابة دقيقة على فتح المواقع الإعلامية، مما يتيح دخول غير المتخصصين بسهولة.
4.قلة الوعي بأخلاقيات الإعلام: عدم المعرفة بأهمية القيم المهنية يجعل البعض ينشرون محتوى مغلوطًا أو متحيزًا، الأمر الذي يؤثر سلبًا على صورة الإعلام عامة.
تأثير وجود الدخلاء على جودة المحتوى الإعلامي
إن دخول الأفراد غير المحترفين إلى المجال الإعلامي له آثار واضحة على جودة المحتوى:
•ضعف التحقق من الأخبار: ينشر الدخلاء أخبارًا غير دقيقة أو معتمدة على مصادر غير موثوقة، مما يساهم في انتشار الشائعات والمعلومات المغلوطة.
•التلاعب بالمعلومات: في بعض الأحيان يُستخدم المحتوى لأغراض سياسية أو تجارية ضيقة، بعيدًا عن الموضوعية والشفافية.
•تدهور المصداقية: يفقد الجمهور ثقته في المواقع التي تنشر محتوى غير موثوق أو مشوش، مما يضر بمكانة الإعلام ككل.
•انخفاض الاحترافية: يغيب في كثير من الأحيان التوازن في الطرح، والصياغة اللغوية السليمة، والالتزام بالمعايير المهنية.
أهمية تعزيز المهنية في الإعلام الرقمي
من الضروري أن تتبنى المواقع الإعلامية الرقمية استراتيجيات واضحة لتعزيز المهنية في العمل الإعلامي، ومنها:
•توظيف صحفيين محترفين: يعتمد نجاح الموقع على جودة كادره، ويجب اختيار العاملين ممن يمتلكون مؤهلات وخبرات مناسبة.
•تدريب مستمر: يجب توفير برامج تدريبية مستمرة للصحفيين لتطوير مهاراتهم ومواكبة التغيرات في المجال الإعلامي.
•التزام بأخلاقيات المهنة: تطبيق مدونات السلوك الإعلامي ومعايير التحقق من الأخبار ضرورة لا غنى عنها.
•مراقبة المحتوى: وضع آليات رقابة وتدقيق داخلية تمنع نشر الأخبار الزائفة أو المغلوطة.
•تشجيع الثقافة الإعلامية لدى الجمهور: التوعية بأهمية التحقق من الأخبار تشكل خط الدفاع الأول ضد انتشار المحتوى الضعيف.
خاتمة
في النهاية، يظل العاملون في المواقع الإعلامية الرقمية هم العمود الفقري لنجاح أي منصة إعلامية. الصحفي المحترف يضيف قيمة للمحتوى ويعزز مصداقية الموقع، بينما وجود الدخلاء على المجال دون خبرة أو معرفة مهنية يمثل تهديدًا مباشرًا لجودة الإعلام وثقة الجمهور. من هنا، فإن رفع معايير التوظيف، والتدريب، والالتزام بأخلاقيات المهنة، يشكل ضرورة ملحة في ظل النمو المتسارع لوسائل الإعلام الرقمية.
ناصرمضحي الحربي
صحيفة وقع الحدث
الثلاثاء 10 يونيو 2025
صحيفة وقع الحدث
الثلاثاء 10 يونيو 2025