كتاب الرأي
“عبد الرحمن المشيقح… رجلٌ غرس الكلمة فأنبتت أجيالًا من الإبداع”
حين أتأمل في بعض الأثر، أجد أن هناك عطاءً لا يُرى بالعين المجردة… لأنه يعيش في باطن من استنار به. وهناك رجال لا يقيسهم الناس بما قدّموا من مال أو مكانة، بل بما أوقدوه من نور في العقول، وبما حرّكوه من همم في القلوب.
ومن هؤلاء الذين يستحقون التوقف أمامهم بإجلال، الدكتور عبد الرحمن المشيقح. رجل أدرك منذ زمن أن الثقافة ليست ترفًا، وأن الأدب ليس حِكرًا، وأن المعرفة إن لم تُبث وتُزرع في الناس، ماتت في بطون الكتب. لذلك، جعل من المسابقة الثقافية التي تحمل اسمه منصة حقيقية تُنادي بالعقل وتُنصت للفكر، وتحتضن الإبداع من كل اتجاه.
أنا على يقين أن الدكتور عبد الرحمن لا يرى ما يقدّمه من دعم مالي في هذه المسابقة على أنه بذل عابر، بل استثمار طويل الأمد في العقول. استثمار يثمر على مدى بعيد، ليس في رصيد فرد، بل في رصيد مجتمعٍ بأكمله. وما أجمل أن يكون ربح الإنسان في الوعي الذي يتركه، في الحرف الذي أطلقه من قيده، وفي الهمة التي أيقظها من سباتها.
ما يميّز هذه المسابقة أنها جاءت شاملة، متعددة الفروع، تستوعب الأدب كما تستوعب البحث، وتحتفي بالعلم كما تحتفي بالفن. وكأنها تقول لكل صاحب موهبة أو فكرة: مكانك محفوظ. لهذا، لم تكن يومًا مسابقة محلية فحسب، بل تحولت إلى منبر عالمي، شارك فيه الآلاف من مختلف الدول والثقافات.
ولعل كلمات سمو أمير منطقة القصيم، الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز، عن الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله المشيقح، كانت أصدق تعبير عن مقام هذا الرجل وأثره. حين قال:
“نعم، أعمال الإنسان هي التي تتحدث عنه، وتصبح شاهدًا على تميّزه في أي مجال، وتكون نبراسًا للأجيال القادمة.”
كلمات تحمل إنصافًا لرجلٍ لم تقتصر جهوده على الثقافة، بل امتدت إلى ميادين شتّى، تبنّى فيها الجوائز والمبادرات المشجعة، وفتح بها أبواب الفرص لطلاب العلم، وأهل الإبداع، ولكل من أراد أن يترك بصمة.
ومع اقتراب لحظة إعلان الفائزين، حيث تعمل لجان التحكيم بهدوء ومهنية عالية، أدرك أن ما أُنجز أكبر من أسماء، وأوسع من تصنيفات… هذه ليست مجرد مسابقة، بل حركة ثقافية حقيقية.
لهذا كله، أجد من واجبي أن أرفع الشكر والتقدير لكل من أسهم في هذا العمل، وفي مقدمتهم الدكتور عبد الرحمن المشيقح. وأدعو الله أن يُبارك جهوده، ويجعل هذه المسابقة بابًا مفتوحًا للمعرفة، ومنارة يهتدي بها كل مبدع يسعى ليكون صوته حيًّا في مشهد الثقافة الواسع.