الموجز الاخباري لصحيفة وقع الحدث تابعنا من هنا

كتاب الرأي

احذر ثلاثًا… ولا تطمئن للجاهل أبدً

وقع الحدث – بقلم / ناصرمضحي الحربي

في الثقافة الشعبية والحِكَم المتوارثة، نجد كثيرًا من العبارات التي تلخص تجارب الحياة بدقة مذهلة، ومن أبلغها تلك التي تقول: “لا تأمن الحصان من الخلف، ولا الثور من الأمام، ولا الجاهل من جميع الاتجاهات.” ولعل هذه المقولة تحمل من الحكمة والعمق ما يتجاوز ظاهرها، فهي ليست مجرد توصيات حذِرة عن التعامل مع الحيوانات، بل هي مرآة رمزية لعلاقات البشر ومخاطر السلوك الإنساني غير المحسوب.

الحصان من الخلف: خيانة الرفيق الهادئ

الحصان، رغم ما يُعرف به من وفاء وجمال وأناقة، يخفي في خلفه قوة ضاربة لا ترحم حين يُفاجَأ أو يُزعَج. الضربات التي تأتي من حيث لا يتوقع الإنسان كثيرًا ما تكون من أولئك الذين يبدون هادئين، مطيعين، أو حتى مقرّبين. هذه دعوة للحذر من الخيانة، لا لأننا نعيش في عالم مليء بالعداوات، بل لأن أقسى الطعنات قد تأتي من حيث نظن أننا في أمان.

الثور من الأمام: جبروت الغضب الأعمى

الثور معروف بعنفه إذا ما استفُزّ. خطورته تكمن في المواجهة المباشرة، حيث يصبح الهجوم حتميًا إذا ما شعر بالتهديد. يرمز هذا إلى أولئك الأشخاص الذين لا يعرفون لغة الحوار، بل يواجهون الخلافات بنوبات من الغضب والانفجار، دون اعتبار للعقل أو العواقب. هؤلاء يجب أن نُجيد فن تجنّبهم، لا لضعف، بل لحكمة.

الجاهل من جميع الاتجاهات: الخطر الذي لا يُتوقع

أما الجاهل، فخطره أوسع وأعمق. لا يأتيك من جهة واحدة، بل من كل صوب وحدب. الجاهل لا يُحسِن التقدير، ولا يُجيد التفريق بين الصواب والخطأ، وقد يضربك وهو يظن أنه ينصرك. الجاهل يُشعل النار بدعوى النور، ويهدم البناء بدافع الإصلاح. وهو بذلك أشد خطرًا من كل ما سبق، لأنه لا يملك معيارًا يُهتدى به، ولا ضابطًا يُرجع إليه.

ختامًا

هذه المقولة، وإن بدت بسيطة، تُعلمنا أن الحذر لا يعني الخوف، بل هو حكمة العارف بتقلبات النفس والطبيعة البشرية. لا تكن ضحية لحسن الظن الأعمى، ولا للثقة العمياء. واعلم أن في بعض الناس خطورة تفوق الحيوانات الغاضبة، لأن العقل إن غاب، صار الإنسان أكثر فتكًا من الوحوش.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى