كتاب الرأي

العيب أهم من الإنسان: حين تُدفن الكرامة تحت أقدام السمعة

في مجتمعاتنا، لا شيء يُقدّس أكثر من “السمعة”. لا الفرد، ولا حقوقه، ولا حتى كرامته. السمعة أولاً، والباقي تفاصيل.
يُطلب منك أن تبلع الإهانة، أن تصمت عن الظلم، أن تضحّي بنفسك، فقط كي لا “تجيب العيب لأهلك”.
لكن مهلاً… منذ متى أصبحت الكرامة عيباً؟
ومن قال إن الصراخ من الألم فضيحة؟

المرأة التي تتعرض للضرب تُنصح بالصبر “عشان بيتها وأولادها”.
الفتاة التي تتعرض للتحرش يُسألونها عن لباسها، لا عن المجرم.
الولد الذي يُكسر من الداخل يُؤمر بأن يكون رجلاً، لأن البكاء “ما يليق”.

نحن لا نربي أفراداً أقوياء، بل نماذج صامتة، مطيعة، تعيش داخل أقفاص ذهبية… اسمها “احترام المجتمع”.

والمجتمع؟
لا يرحم.
لا ينسى.
لا يفهم.
لكننا نظل نعبده، نخافه، ونعيش لأجله، رغم أنه لا يعيش لأجلنا.

كل يوم، يُدفن إنسان حيّ تحت تراب العيب.
وكل ليلة، تبكي امرأة في صمت كي لا تفضح الأسرة.
وكل صباح، يستيقظ رجل محطم، لأنه لا يستطيع أن يكون حراً في التعبير عن ضعفه.

هل سمعتم عن شخص مات من العيب؟
كثيرون.
لكنهم لا يُدفنون في المقابر، بل يُدفنون وهم يمشون بيننا.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى