“المجتمع المنافق: حين تصبح الأخلاق واجهة للبيع”
في مجتمعاتنا، نُربّى على قولبة معينة للأخلاق: العيب قبل الحرام، والصورة أهم من الحقيقة، والكلام أهم من الفعل. كل شيء يبدو محترماً على السطح، لكن ما إن تحكّ القشرة قليلاً، حتى تتفاجأ بعفنٍ أخلاقي مخيف.
نسير في الشوارع ونرى الوجوه تبتسم، تدّعي الطهر والنقاء، لكن خلف الأبواب المغلقة هناك استغلال، خيانة، قمع، وعنف. نُدين الضحية، ونُبرر للمعتدي. نجلد الفتاة لأنها خرجت “بلا إذن”، ونصمت عن المتحرّش لأنه “ولد ناس”.
نفتح هواتفنا لنكتب منشورات مثالية عن الدين، ثم نمارس كل ما يناقضه في الخفاء. نُمجّد العائلة، ثم نكسرها بقسوة. نتحدث عن احترام المرأة، ثم نسخر من طموحها، نختزلها في جسدها، ونغضب إن طالبت بحقها.
الجرأة ليست في قول الفاحش، بل في كشف الفاسد.
والمجتمع لا ينهض بالشعارات، بل بمواجهة النفاق المتأصل فيه.
متى نتوقف عن ممارسة الأخلاق كمسرحية؟
متى نصبح صادقين مع أنفسنا، حتى لو صدمتنا الحقيقة؟
إلى متى نظل نعيش بازدواجية قاتلة: نُدين في العلن، ونفعل في السر؟
الوقت قد حان لننزع الأقنعة، ونعيد تعريف معنى الأخلاق. ليس ما يُقال في المجالس، بل ما نمارسه في الغياب.
⸻