المقاهي الليلية .. نبض المساء ومرايا المجتمع تتجاوز حدود الاستهلاك
تحقيق صحفي من اعداد- ناصرمضحي الحربي /صحيفة وقع الحدث الإخبارية
تشهد المقاهي في القصيم نشاطاً متزايداً مع ساعات المساء، لتتحول إلى محطات رئيسة يتقاطع فيها نبض الحياة اليومية مع مختلف شرائح المجتمع، ويجتمع فيها الناس لأغراض متعددة، فكان حري بنا أن نتلمس ماذا يدور في ذلك المكان ، وحتى نقف على حقيقة هذا الأمر بدأنا بجولة استقصاء صحفية في عدد من المقاهي التي تقع على طول امتداد شارع الملك عبدالعزيز في البكيرية وأجرينا عدة حوارات مع عدد من رواد وزبائن وأصحاب هذه المحلات .. فماذا قالوا:
“هذه المقاهي ليست مجرد أماكن للجلوس، بل نوافذ اجتماعية تفتح لك آفاقاً قد لا تجدها في أماكن أخرى”
– أكاديمي يزور المقهى بانتظام
“أصبحت المقاهي منصات مفتوحة للتواصل، وباتت مع الوقت بيئة جاذبة لكل من يسعى لتوسيع آفاقه”
– أحد مرتادي المقاهي المنتظمين
“الزبائن يعرفون مواعيد الذروة أكثر منّا… وكل فئة تختار وقتها ومكانها بدقة”
– أحد العاملين بالمقهى
يقول أحد أصحاب المقاهي الشهيرة: “عادةً ما يبدأ النشاط الفعلي للمقهى مع ساعات ما بعد العصر، حيث تبدأ حركة الزبائن في التزايد تدريجياً، لكن الذروة الحقيقية لا تكتمل إلا بعد صلاة العشاء، وتحديداً في حدود الساعة التاسعة مساءً، حين تصل الحركة إلى ذروتها.”
وتستقطب هذه المقاهي طيفاً واسعاً من روادها اليوميين، إذ يرتادها الشباب في مجموعات صغيرة أو فردية، باحثين عن أجواء من الراحة والاسترخاء أو جلسات سمر مسائية، كما تستقبل رجال أعمال يعقدون لقاءات غير رسمية في أجواء أكثر انفتاحاً، إلى جانب موظفين حكوميين، وسفراء، ورجال إعلام، ونجوم رياضة وفن، ممن يفضلون ارتياد هذه الأماكن بعيداً عن صخب الفعاليات الرسمية.
ويضيف صاحب المقهى: “نحرص على تلبية مختلف الأذواق، لذا نوفر مجموعة متنوعة من المشروبات الساخنة مثل القهوة العربية والتركية والأمريكية، بالإضافة إلى الشاي بنكهات متعددة، فضلاً عن العصائر الطازجة والمشروبات الباردة التي يقبل عليها كثير من الزبائن، خاصة في فصل الصيف.”
وفي ظل هذا التنوع، لم تعد المقاهي مجرد أماكن لتناول المشروبات، بل تحولت إلى فضاءات اجتماعية حيوية، تسهم في رسم مشهد الحياة اليومية في المدينة، وتعكس ثقافة اللقاء والتواصل بين الناس، في وقت باتت فيه الحاجة لمثل هذه المساحات أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.
من جانبه يقول أحد أصحاب هذه المحلات: “في كل يوم نعيش حكاية جديدة مع زبائننا. العمل يبدأ فعليًا بعد صلاة العصر، حيث تبدأ الحركة تدريجيًا، وتصل ذروتها بعد صلاة العشاء وحتى ساعات الليل المتأخرة. أصبح الشارع وجهة للكثير من شرائح المجتمع، فمن بين زبائننا تجد الشباب الباحثين عن الاستمتاع بجو مريح، ورجال الأعمال الذين يجتمعون في لقاءات عمل غير رسمية، وكبار الشخصيات مثل السفراء والإعلاميين وحتى الفنانين المعروفين.
نحن نقدم تجربة شاملة لزبائننا، حيث تجد لديهم الشاي بجميع أصنافه ونكهاته، من الساخن الذي يفضل البعض تناوله خاصةً في الليالي الباردة، إلى المشروبات الباردة التي تلاقي إقبالًا كبيرًا في ليالي الصيف. أضف إلى ذلك أننا حريصون على تقديم بيئة مريحة تتناسب مع مختلف الأعمار والاحتياجات، وهو ما يجعل محلاتنا ليست فقط مكانًا لتناول المشروبات، بل وجهة للقاءات والمحادثات الاجتماعية.”
ويضيف أحد الزبائن المنتظمين: “هذه المقاهي ليست مجرد أماكن لتناول الشاي، بل هي محطات اجتماعية نلتقي فيها بالأصدقاء والزملاء، ونناقش فيها أمور الحياة والعمل. بالنسبة لي، الشارع أصبح جزءًا من يومي وروتين خاص أحافظ عليه.”
ويشير بعض رواد المقاهي إلى أن التواجد في مثل هذه الأوساط يمنحهم فرصاً قيمة، سواء من حيث كسب معارف جديدة، أو استلهام الأفكار من تجارب الآخرين، أو حتى بناء علاقات مستقبلية تعود بالنفع على الصعيدين الشخصي والمهني.
ولعل أحد أبرز ما يميز هذه المقاهي هو حضور عدد من الشخصيات المؤثرة في المجتمع السعودي المعاصر، من إعلاميين، ومثقفين، ورواد أعمال، وغيرهم من أصحاب التأثير الاجتماعي، ما يجعل التعرّف إليهم أو محاورتهم تجربة فريدة تحمل الكثير من المنافع والمزايا، خصوصاً لمن يتطلع إلى توسيع علاقاته الاجتماعية أو المهنية.
وفي ظل هذا النمو المتسارع والطلب المتزايد، يبدو أن المقاهي ستظل حاضرة بقوة في المشهد اليومي، لا كخيارات ترفيه فقط، بل كمساحات للتواصل والتأثير وصناعة المعنى في تفاصيل الحياة الحضرية
ناصرمضحي الحربي
الأحد 6 أبريل 2025
صحيفة وقع الحدث