أهمية الملف العقاري في رؤية المملكة 2030

مقال في الاقتصاد/ كتبه- ناصرمضحي الحربي
تُعتبر رؤية المملكة 2030 خارطة طريق استراتيجية تهدف إلى تحويل الاقتصاد السعودي نحو التنويع والاستدامة، حيث يلعب الملف العقاري دوراً محورياً في هذه الرؤية ، يعزز القطاع العقاري من النمو الاقتصادي من خلال توفير الفرص الاستثمارية المتنوعة، مما يُسهم بشكل كبير في رفع مستوى تنافسية المملكة على الصعيدين المحلي والدولي ، هذه الرؤية تتطلب تطوير البنية التحتية العقارية وتحسين بيئة الأعمال، مما يساهم في جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية على حد سواء .
تتعدد المجالات الاستثمارية التي تستفيد من نمو القطاع العقاري، حيث يُعتبر السياحة والتراث والثقافة من أبرز هذه المجالات ، يمكن أن يؤدي الاكتمال المستمر للمشاريع العقارية إلى إنشاء وجهات سياحية جديدة، مما يُعزز من جاذبية المملكة كوجهة سياحية عالمية ، بما أن رؤية 2030 تسعى إلى زيادة عدد السياح الوافدين إلى المملكة، فإن تطوير المرافق العقارية، كالفنادق والمجمعات التجارية، يثري التجربة السياحية ويُسهم في رفع عائدات القطاع السياحي ،.
علاوة على ذلك، تُعتبر الثقافة والتراث جزءاً لا يتجزأ من الهوية السعودية، ومع التوسع في مشروعات العقارات الثقافية، يتزايد الاهتمام بإبراز التراث العربي والإسلامي ، ومن خلال تمكين الاستثمارات في هذا القطاع، يمكن خلق فرص اقتصادية جديدة، مما يسهم في دعم الاقتصاد الوطني ، لذا، فإن الملف العقاري ليس مجرد أداة لتحقيق العوائد المالية، بل هو عنصر أساسي لصياغة المستقبل والتنمية المستدامة في المملكة ،.
وفي إطار تحقيق رؤية المملكة 2030، بذلت الحكومة السعودية جهودًا حثيثة لتنظيم وتطوير القطاع العقاري ، تعتبر العقارات أحد الأعمدة الرئيسية للاقتصاد السعودي، ولذا فقد كان من الضروري وضع مؤشرات واضحة تهدف إلى تحسين البيئة الاستثمارية في هذا القطاع ، تمثل التشريعات الجديدة التي أُطلقت مؤخرًا جزءًا من هذه الجهود، حيث وُضعت مجموعة من الأنظمة التي تهدف إلى حماية حقوق جميع الأطراف المعنية، بدءًا من المشترين والمستثمرين، وصولاً إلى المطورين .
ومن بين المبادرات التي تم إطلاقها، تم إنشاء هيئة عقارية مستقلة تهدف إلى تنظيم السوق العقارية، وتوفير الإشراف اللازم لضمان الشفافية والنزاهة في المعاملات العقارية ، تقدم هذه الهيئة أيضًا تدابير تحفيزية للمستثمرين، مما يسهل عملية الدخول إلى السوق العقاري ، بالإضافة إلى ذلك، تم تطوير نظم إلكترونية تسهل إجراءات التسجيل والنقل، مما يسهم في تقليل البيروقراطية وتسريع حركة السوق .
تتوافق هذه الجهود مع استراتيجية الحكومة لجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية ، من خلال تعزيز الشفافية وتبسيط الإجراءات، تأمل الحكومة في جذب المزيد من المستثمرين، مما ينعكس إيجابًا على النمو الاقتصادي بالمملكة ، كما تسهم هذه الخطوات في تعزيز الثقة في السوق العقارية، وهو ما يعزز من قدرة المملكة على المنافسة كوجهة مفضلة للاستثمار في القطاع العقاري .
تسعى المملكة العربية السعودية في إطار رؤية 2030 إلى تعزيز التعاون الدولي في القطاع العقاري، وهو ما ينعكس بشكل إيجابي على تطوير المهارات المحلية وتحسين التجربة الاستثمارية ، يتطلب هذا التعاون بناء شراكات مع دول متقدمة في هذا المجال، مما يساهم في نقل المعرفة والتقنيات الحديثة إلى السوق السعودي ، من خلال تبادل الخبرات، يمكن للمستثمرين والمهنيين السعوديين الاستفادة من أفضل الممارسات والأساليب العالمية، وبالتالي تعزيز أداء القطاع العقاري في المملكة .
وتوجد العديد من المبادرات الهادفة إلى توطين المعرفة في المملكة، حيث تمثل هذه المبادرات منصة مثالية لمشاركة الخطط والاستراتيجيات الناجحة من خلال الدورات التدريبية وورش العمل التي تتناول موضوعات متنوعة تشمل تطوير المشاريع، التمويل العقاري، وإدارة المخاطر ، كما تلعب هذه المبادرات دورًا محوريًا في تجهيز السوق المحلي بأدوات وأساليب حديثة تساعد في تحسين جودة المشروعات العقارية ، من خلال هذه الجهود، يأمل القطاع العقاري في الاستفادة من الخبرات الدولية، مما يؤدي إلى رفع مستوى المعايير المتبعة ،كما تسهم هذه الشراكات في خلق بيئة عمل تعاونية تشجع على التفكير الابتكاري وتطوير حلول مستدامة لمواجهة التحديات المختلفة ، يمكن أن تشمل هذه الحلول استخدام التكنولوجيا الحديثة لتعزيز الكفاءة وتحسين نظم الإدارة، مما يسهم في رفع معدل الإنتاجية ، بالإضافة إلى ذلك، يشكل تعزيز العلاقات الدولية في القطاع العقاري جزءًا لا يتجزأ من رؤية المملكة 2030، حيث تعكس التزام الحكومة بتحقيق التنمية .
ويعد قياس الأداء في القطاع العقاري أحد العناصر الأساسية لضمان تحقيق أهداف رؤية 2030 في المملكة ، ويتطلب ذلك استخدام مجموعة من المؤشرات التي تعكس نجاح البرامج والمشروعات العقارية ، ومن بين هذه المؤشرات، يمكن اعتبار النمو في عدد المشاريع المنجزة والنمو في قيمتها السوقية ونسبة الإشغال كمؤشرات رئيسية تقيس الأداء ، يتوجب على السلطات المعنية متابعة هذه المؤشرات بشكل دوري وتطوير استراتيجيات بناءً على النتائج المستخلصة .
عند مقارنة الأداء المحلي بمعايير دولية، فإن هناك مجموعة من المقاييس التي يمكن استخدامها، مثل معدل العائد على الاستثمار (ROI) ومتوسط الوقت المستغرق لإنجاز المشاريع ، ومن المهم إجراء تقييم دوري لهذه المعايير مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف المحلية والدولية ، هذا نوع من التقييم يوفر رؤية شاملة حول مدى تنافسية القطاع العقاري في المملكة مقارنة بالدول الأخرى، ويعزز من اتخاذ القرارات المستندة على بيانات موثوقة .
على مدار السنوات الأخيرة، حققت المملكة إنجازات ملحوظة في مجال الاستثمار العقاري، حيث زادت نسبة المشاريع الجديدة، بينما انخفضت مدة الإجراءات اللازمة للحصول على تراخيص البناء ، كما شهدت السوق العقارية تنوعاً في المشاريع التي تلبي احتياجات جميع فئات المجتمع، مما يعكس استجابة إيجابية للمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية ، أحد الأهداف الكبرى لرؤية 2030 هو الوصول بالقطاع العقاري إلى مرتبة متقدمة على المستوى العالمي، وهو هدف يستلزم جهوداً مستمرة في تحسين وتطوير الأداء وتفعيل مؤشرات النجاح لضمان استدامة التقدم .
الثلاثاء 26 /11/ 2024
وقع الحدث
ناصرمضحي الحربي