كتاب الرأي

حروف مبعثرة …!!

إستر ما واجهت ..

 

 هكذا قالها بعد أن تجاذبنا بعض أطراف الحديث في مجلسنا ..

 قام وقطرات الدموع تفر من عينيه معلنة عصيان البقاء .. لتفضح ما كان خافيا ..  

أفل من أمامي .. بكلمة واحدة .. تلفظ بها في وجهي على عجل ..

ساعتها ماذا تروني يجب أن أفعل أو أقول لشخص لا يمكن التنبؤ بما يفعل ..

في جزء اللحظة تغير مزاجه ونهجه وطريقة كلامه بسرعة البرق من ( حسن الى ضده ) ..

من خوفي على النهايات التي لا اعلم إلى أين ستفضي به .. تبعته مسرعا أمسكت به لأسأله ما هو الدافع لأن يطلب مني ستر ما دار بيننا ؟؟ رغم أنه حديث عابر عادي لم نقذف فيه عرض مسلم ولا نغتاب ولله الحمد شخصا بعينه بعيد عن مكاننا ..

عندما استدار امامي بعد أن شددته من كتفه ناحيتي رأيت وجهه مبتل بالكامل بالدموع التي لاتزال بقاياها تنهمر.. تسمرت في مكاني لأستطيع السيطرة عليه من أي ردت فعل قد تكون خاصة وأنها المرة الأولى التي يكون بيني وبينه مثل هكذا تصرف او مشهد مؤثر لا عواقب له محسوبة ..

أمام هول المنظر أمامي نسيت تلك الكلمة .. لكن تفحصي تقاسيم وجهه أسعفتني بعد شرود عابر ان ارتب على كتفيه متسائلا ماذا بك ؟؟..

سألته بتلهف وإن كنت على يقين أن كل ما في الأمر ولب الحوار كان بيننا أنه شرح لي تجربة كانت له في السابق فاشلة في علاقة ( عشق ) صورتها له افتراضات كاذبة ووعود جوفاء .. فهوت كما تهوي بيوت الطين بين يدي الصبية وهم يلعبون في فرح وسرور وبسرعة البرق تنهال تلك الآكام فينقلب فرحهم ترحا وعويلا وأنتم بما بعد ذلك أعلم ..

اسعفتني اللحظة أن أخرج منه تعليلا لما حصل فقال  أن الحب الخاطف ( يكفيه من الوهن اسمه ) الحب من أول نظرة .. خاصة لحديثي التعايش في أمر مثل هذا يحدث بين اثنين .. فحب حتى الوحوش والطيور الكاسرة والتوهم بالتعايش معها قد يقلب في وقت من الاوقات الى حتف حقيقي دون رحمة ..

 كلمات العاشقين بهذه الحالة التي وصفها بقوله إنها اشبه بمن يبني ( جبال من الرماد ) لا صدق فيها ولا روح لكثير من تلك العلاقات التي سرعان ما تنهار وينكشف المستور ..

والكلام على لسانه وهو لايزال مثبتا بين يدي واقفا ..

السؤال الخفي من وجهة نظري من هو الطرف الذي تركت تلك العلاقات ( ندبات دامية في داخله ) .. خاصة اذا كان من النوع الحامل للحس المرهف .. وكيفية الخلاص من ذكرياتها ونسيانها وطمس معلوماتها من محيط ذاكرته ..

فالتواريخ والقصص والحوادث حبلى بضحايا امثال تلك العلاقات التي تبنى على جسور هشة قوامها عمود معوج مغلفه بلحاء تفوح منه روائح تزكم الأنوف ما بين مصالح من طرف واحد او كلا الطرفين .. او اوهام خادعة او قصص خيالية لكسب معين .. وزد ثم قل ما تشاء في مثل هذه العلاقات ..

ولعمق وبعد الكلمة ( التي استودعني أن استر فصولها ).. اجلسته عنوة ثم بينت له رغبة في التخفيف عليه قائلا .. هل كنت واحدا من اولئك الضحايا ..

اجاب نعم .. ثم سألته الا تحمد الله وقد خلصك من طريق طويل قد تكون أنت تزرع الورد ومن ورائك يثمر اشواك متشابكة لن تستطيع الخلاص منها ..

قال بلى ولكني اخلصت ( النية والطوية ) واجزلت العطاء واوفيت الكيل وسلّمت كل جوارحي لمن لا يستحق ..

ضحكت ملى شدقي على تعلقه الواهم بحبال رثة ثم قلت له .. للأسف لم تسعفك الأيام أن تطوي رحلة عابرة كاذبة واهمة مرت في وقت من الأوقات في حياتك لتبني على اثرها لنفسك جسرا منيعا من زوابع لا ترحم قد تكون نتائجها لك ( أنت ولا غيرك احد ) الملتظي بنارها ومن يدفع الثمن من صحتك وسمعتك وتاريخك الذي بنيت

واضفت .. لكل جواد كبوة .. وإياك أياك أن تندم على ما فات وقد اصبح في حكم المنسي من وريقات عمرك وأجتهد في الإختيار المكشوف بين الخلائق لترى أين تضع بصرك قبل قلبك .. وما ذلك بصعب المنال ولا دونه خرط القتاد فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم ..

ثم ختمت بالقول .. اطمئن فمثل هذه القصص سوالف ليل تنهار مع افول ساعاته كأمثال الرماد المنثور على اشواك الطرقات لا ترى ولن يكون هناك من يكلف نفسه وبخاصة من عكس طبعك من الواثقون بما يقولون او يفعلون أن تكون جزء اليما من تواريخ حياتهم .. وقبل كل ذلك فالحياة قسمة ونصيب ..

فز وقد جف ماء وجهه لكن اخاديد الدموع واثار انسكابها لايزال مرسوما على خديه ثم قال ما أعجبك من ناصح بما يروق لك وقد لا يرضي غيرك ولا يقنعه .. وما اعجبك اكثر ومثلك لم يعش تجربة الالم والمعاناة ..

ختمت بالقول علمتني اخاديد الشيب في مفرق رأسي أن لا أكلف نفسي السعي وراء السراب ولو كنت مكانك لقدمت لله سبحانه صدقة مجزية ان خصلك من حبال المصيدة واصبحت حرا تستعيد ذكريات خالية من الروح .. إلا ما هو لايزال عالقا في ذهنك تريد ان تلبسه ثوب الصفاء والنقاء .. وهو في القاع قابع لن يرتفع ..

مسح وجهه ثم ادبر .. تبعته ململما بقايا حروفي المبعثرة مزعجا إياكم بها في قصة مختلة إن رأيتموها كذلك .. 

الى لقاء بكم قريب .. دمتم بخير ..   

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى