رحيل قامة علمية ودعوية… معالي الدكتور عبدالله بن عمر نصيف في ذمة الله
بقلوب يملؤها الحزن والإجلال، ودّعت المملكة العربية السعودية اليوم أحد أبرز رجالاتها في ميادين العلم والفكر والدعوة، معالي الدكتور عبدالله بن عمر نصيف، مدير جامعة الملك عبدالعزيز الأسبق، ونائب رئيس مجلس الشورى سابقًا، والأمين العام السابق لرابطة العالم الإسلامي، الذي وافته المنية صباح الأحد الموافق 20 ربيع الآخر 1447هـ (12 أكتوبر 2025م)، بعد مسيرة حافلة بالعطاء امتدت لأكثر من ستة عقود.
وُلد الفقيد في مدينة جدة عام 1358هـ (1939م)، ونشأ في بيئة علمية رسّخت فيه حب المعرفة منذ الصغر. حصل على بكالوريوس العلوم في الكيمياء والجيولوجيا من جامعة الملك سعود عام 1384هـ بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى، ثم تابع دراساته العليا في جامعة ليدز بالمملكة المتحدة، لينال درجة الدكتوراه في الجيولوجيا عام 1391هـ (1971م)، مؤسسًا لمسيرة علمية أكاديمية مضيئة امتدت عبر أروقة الجامعات السعودية والعالمية.
بدأ مشواره الأكاديمي أستاذًا في جامعة الملك سعود، ثم التحق بجامعة الملك عبدالعزيز في جدة، حيث شغل مناصب متعددة من بينها رئيس قسم الجيولوجيا، وأمين عام الجامعة، ووكيلها، ثم مديرها. تميزت فترته الإدارية بالرؤية التطويرية التي أسهمت في توسع الجامعة أكاديميًا وبحثيًا، وربطها بالمجتمع في إطار من المسؤولية العلمية والاجتماعية.
لم يقتصر عطاؤه على المجال الأكاديمي، بل امتد إلى العمل الدعوي والإغاثي، فكان الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، ورئيس هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية، ورئيس الاتحاد العالمي للكشاف المسلم، كما شغل منصب نائب رئيس مجلس الشورى، وأسهم في تأسيس جمعية خيركم لتحفيظ القرآن الكريم في جدة، مقدّمًا أنموذجًا فريدًا للقائد الذي جمع بين الفكر والإدارة، والعلم والعمل.
وإلى جانب مناصبه القيادية، كان للدكتور نصيف أثرٌ بالغ في الفكر والثقافة؛ فقد أنشأ صالونه الأسبوعي المعروف بـ”الأحدية” في منزله بجدة، الذي تحول إلى منبر فكري يلتقي فيه العلماء والمثقفون لتبادل الرؤى في قضايا الدين والعلم والمجتمع. كما ألّف عددًا من الكتب العلمية والفكرية أبرزها: الدرع الجرانيتي العربي، والإسلام والشيوعية، والعلوم والشريعة والتعليم.
نال معاليه جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام عام 1411هـ (1991م)، ووسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى، إضافة إلى الذئب البرونزي من الحركة الكشفية العالمية، وعدد من شهادات الدكتوراه الفخرية من جامعات محلية ودولية، تكريمًا لجهوده في خدمة الإسلام والعلم والإنسانية.
وفي وداعه، نعت جامعة الملك عبدالعزيز فقيدها الكبير، مؤكدة أن الوطن خسر علمًا من أعلامه، ورجلًا ترك بصمات لا تُمحى في مسيرة التعليم والدعوة والعمل الإنساني. رحم الله الدكتور عبدالله بن عمر نصيف، وأسكنه فسيح جناته، وجزاه عن وطنه وأمته خير الجزاء.
صحيفة وقع الحدث، إذ تنعى بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره معالي الدكتور عبدالله بن عمر نصيف، نستحضر مسيرة رجلٍ جمع بين الإيمان والعلم، وبين الفكرة والبصيرة، فكان منارة تهدي العقول وترتقي بالأجيال. ترك أثره في ميادين التعليم والدعوة والعمل الإنساني، غرس الخير في كل ميدانٍ كلف بالعمل فيه رفع راية الوطن في المحافل العالمية
على إثر هذا الحادث الجلل تتقدّم صحيفة وقع الحدث بخالص العزاء والمواساة إلى مقام خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وأسرة الفقيد الكريمة، وإلى الوسطين العلمي والدعوي في المملكة والعالم الإسلامي، سائلين المولى عز وجل أن يتغمّده بواسع رحمته ويسكنه الفردوس الأعلى، وأن يجزيه خير الجزاء على ما قدّم لدينه ووطنه وأمته.رحم الله الفقيد، وأحسن عزاء الوطن برجاله الأوفياء.